بالفريضة يكشف عن عدم مشروعية النافلة ، قال : ومتى كانت لا فضل فيها ، فلا يشرع الإتيان بها لأنها عبادة ، فإذا انتفى الفضل فيها دلّ على عدم صحتها (١).
غير قابل للإصغاء ، لعدم مساعدة العرف ولا اللغة على هذا التفسير ، بل الفضل بمعنى الزيادة ، ومن ثم لا يطلق الفاضل على الذات المقدسة ، لأنّ صفاته عين ذاته ، ويستحيل أن يكون معرضاً لصفة زائدة. إذن فمعنى قوله عليهالسلام : « إن الفضل أن تبدأ بالفريضة » أنّ البدأة بالفريضة تستوجب زيادة المثوبة ، فعكسها ينفي الزيادة ، لا أنه ينفي المشروعية كما لعله واضح جدّاً.
فهذه الصحيحة أيضاً خير شاهد على حمل النصوص المتقدمة الناهية عن التطوع في وقت الفريضة على الكراهة والمرجوحية ، أو على ما سبقت الإشارة إليه من الإرشاد إلى اختيار الفرد الأفضل من غير حزازة ولا منقصة في التنفل نفسه ، وأن الوقت في حد ذاته صالح لكل من التطوع والفريضة ، غير أنهما لمّا كانا متزاحمين وكانت مصلحة فضيلة أول الوقت أهم وأقوى من مصلحة التنفل ، فمن ثمّ تعلّق النهي به إرشاداً إلى اختيار أفضل المتزاحمين ، فالنهي عرضي إرشادي نشأ عن المزاحمة المزبورة ولم يكن ذاتياً.
ومما يؤكد ذلك ويؤيده : ما ورد من الترخيص في التنفل بعد دخول وقت الفريضة لمن ينتظر الجماعة كموثقة إسحاق بن عمار قال « قلت : أُصلي في وقت فريضة نافلة ، قال : نعم في أول الوقت إذا كنت مع إمام تقتدي به ، فاذا كنت وحدك فابدأ بالمكتوبة » (٢) حيث يستفاد من التفصيل بين المنفرد والمقتدي صلوح الوقت للتطوع كالفريضة مع أفضلية البدأة بها ، لكن انتظار الجماعة لما اشتمل على مصلحة راجحة على مصلحة الوقت ارتفعت المزاحمة عن الاشتغال بالنافلة في هذه الحالة ، وإنما جعلناها مؤيدة لاحتمال اختصاص الحكم بمريد
__________________
(١) الحدائق ٦ : ٢٦٢.
(٢) الوسائل ٤ : ٢٢٦ / أبواب المواقيت ب ٣٥ ح ٢.