وأما بناءً على المشهور من عدم المشروعية ، فتارة يكون متعلق النذر مطلقاً وأُخرى مقيداً بوقت الفريضة.
أما في الصورة الاولى : فلا ينبغي الإشكال في صحة النذر أيضاً ، لأن متعلقها وهو طبيعي النافلة راجح ومقدور للناذر عقلاً وشرعاً ولا مانع بعد هذا من الإتيان بها في وقت الفريضة ، إذ هي بالنذر تتصف بالوجوب وتخرج عما كانت عليه من عنوان التطوع الذي هو بمعنى الإتيان عن طوع ورغبة ، فإنه ملزم بها بمقتضى نذره ، فلا تشملها الروايات الناهية عن التطوع في وقت الفريضة.
ودعوى أن الإتيان بها في وقت الفريضة مرجوح فلا يكون مشمولاً للنذر كما ترى ، ضرورة أن المتعلق هو الطبيعي المطلق والجامع الشامل له ولغيره على الفرض ، وقد ذكرنا في الأُصول (١) أنّ معنى الإطلاق رفض القيود لا أخذها ولحاظها بأسرها. إذن فما هو المتعلق للنذر غير مرجوح ، وما هو المرجوح لم يكن متعلقاً للنذر.
وما قد يقال من أن الجامع بين المرجوح وغيره مرجوح ، كلام صوري لا أساس له من الصحة ، بداهة أن المرجوحية من عوارض الفرد نشأت من اقترانه ببعض الملابسات ولم تكن ملحوظة في صقع الذات ونفس الجامع بوجه ، فان متعلق النذر هو طبيعي الصلاة التي هي خير موضوع ، فكيف يكون مرجوحاً.
إلا أن يقال : إن المقصود من التطوع الممنوع في لسان الأدلة هو ما كان تطوعاً ومستحباً في حدّ ذاته مع الغض عن العوارض الطارئة.
ولكنه بمراحل عن الواقع ، لظهور الأدلة في العناوين الفعلية وما هو تطوع بالحمل الشائع وبوصفه العنواني بحيث يكون صدوره خارجاً بداعي التطوع
__________________
(١) محاضرات في أُصول الفقه ٥ : ٣٤٦.