موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر ، والمرجوحية المفروضة إنما نشأت من أجل تعنونها بعنوان التطوع في وقت الفريضة ، وبما أن هذا العنوان متقوم بالإتيان بما لا إلزام فيه ، وإنما يأتي به المكلف عن طوعه ورغبته ، والمفروض انقلابه بسبب النذر إلى الإلزام المزيل لذاك العنوان ، فلا مانع بعد ارتفاع المانع من الالتزام بصحة النذر وكونه مشمولاً لإطلاقات أدلة الوفاء به.
وبالجملة : المقصود من نذر التطوع نذر ما هو تطوع في حدّ ذاته لا حتى بعد النذر ، لامتناع امتثاله بوصفه العنواني بعد انعقاده كما هو واضح ، فاذا كان المتعلق هو الذات وهي مشروعة مقدورة راجحة وعمّها دليل الصحة ، خرجت بقاءً عن تحت عنوان التطوع خروجاً وجدانياً تكوينياً غير مستند إلى التشريع ليحتاج إلى الدليل ، إذ ليس هو من باب التخصيص ، بل من باب ارتفاع الحكم بارتفاع موضوعه ، بداهة انقلاب عنوان التطوع إلى الفرض بسبب النذر واندراجه تحت عنوان الفريضة قبل الفريضة بدلاً عن التطوع قبلها ، وليس مراده قدسسره أن النذر محقق ومولّد للرجحان ليطالب بالدليل والبرهان وإن كان ربما يوهمه ظاهر عبارته قدسسره.
ومما ذكرنا تعرف أنّ النقض على المصنف بنذر المحرمات بدعوى أنه لو كان موجباً للرجحان فهلاّ يكون كذلك فيها أيضاً ، ساقط جدّاً ، لما عرفت من أن الصلاة راجحة في حد ذاتها وقبل تعلق النذر بها ، غير أنها مكتنفة بخصوصية موجبة للحزازة مرفوعة بنفس النذر تكويناً لا أنه يحدث الرجحان فيها ، فلا تقاس بفاقد المزية فضلاً عن المحرمات الشرعية.
كما أن الإيراد عليه بأن الصلاة المقترنة بتلك الخصوصية غير مقدورة ، لأنها تطوع في وقت الفريضة الممنوع في الشريعة ، ولا يتعلق النذر إلا بالأمر المقدور.
مدفوع بكفاية القدرة حين العمل وبعد انعقاد النذر ، ولا تعتبر القدرة قبله.