وكيف ما كان ، فلا ينبغي الشك في صحة السند وإن رمي بالضعف.
إلا أن الشأن في الدلالة فإنها قاصرة ، بل مجملة لعدم وضوح المراد من قوله : « إلا للمقتضي » فإنه إن أُريد به القاضي فهو لغو محض ، ضرورة أن السؤال إنما هو عن القاضي فلا معنى للإجابة بالنفي ثم استثناء القاضي ، بل ينبغي الإجابة حينئذ بمثل قوله عليهالسلام : « نعم ».
على أن إطلاق المقتضي على القاضي غير معهود في الاستعمالات ، بل لعله من الأغلاط.
وإن أُريد به الموجب والسبب في مقابل النوافل المبتدأة ليرجع الجواب إلى التفصيل بينها وبين النوافل ذوات الأسباب كصلاة الزيارة ونحوها.
ففيه : أنّ هذا وإن كان ممكناً في حد نفسه إلا أنه لا يساعده التعبير ، للزوم التنكير حينئذ ، إذ لا موقع للام التعريف في قوله : « للمقتضي » بل ينبغي تبديله بقوله : « لمقتضٍ » ، كما لا يخفى ، فهو نظير قولنا : لا ينبغي الأمر الفلاني إلا لسبب ، ولا يقال إلا للسبب ، فالرواية مشوّشة ولعل فيها تحريفاً ، ولا تصلح للاستدلال بوجه.
والمتحصل مما تقدم : عدم ثبوت الكراهة في هذا القسم لعدم المقتضي لها ، إذ الأخبار المستدل بها عليها ضعيفة سنداً أو دلالة على سبيل منع الخلوّ ، إلا بناءً على قاعدة التسامح وتعميمها للكراهة ، ولكنا لا نقول بها في المستحبات فضلاً عن غيرها ، ومعه لا تصل النوبة إلى البحث عن المانع ، أعني ما يعارضها من الروايات.
ثم إنه مع الغض عما ذكر وتسليم جواز الاستدلال بهاتيك الأخبار على ثبوت الكراهة ، فلا شبهة في أن القدر المتيقن منها إنما هي النوافل المبتدأة ، وهل هي عامة لكافة النوافل من المرتّبة وقضائها وذوات الأسباب ، فلو زار أحد المشاهد المشرّفة أو طاف بالبيت طواف النافلة بعد صلاتي الفجر أو