صلاحية كل أحد لإقامة الجمعة إلا من كان حاوياً لهذه الخصال ولا يكون إلا الإمام أو المنصوب الخاص.
ثانيتهما : قوله عليهالسلام : « إنما جعلت الخطبة يوم الجمعة لأنّ الجمعة مشهد عام ، فأراد أن يكون للأمير كما عن العلل (١) للإمام كما عن العيون ، سبب إلى موعظتهم ، وترغيبهم في الطاعة وترهيبهم عن المعصية ، وتوقيفهم على ما أراد من مصلحة دينهم ودنياهم ، ويخبرهم بما ورد عليهم من الآفاق ومن الأهوال التي لهم فيها المضرة والمنفعة ، ولا يكون الصابر في الصلاة منفصلاً وليس بفاعل غيره ممن يؤم الناس في غير يوم الجمعة .. » إلخ (٢) والجملة الأخيرة أعني قوله : « وليس بفاعل ... » إلخ غير مذكورة في العيون كما نبّه عليه في الوسائل.
وكيف كان ، فالمستفاد من هذه الفقرة من الحديث أيضاً امتياز إمام الجمعة عن غيرها وعدم أهلية كل شخص لها ، بل يعتبر أن يكون المقيم من له خبرة بالأُمور واطلاع بأحوال البلاد ، وما يجري فيها من الحوادث ، كي يعلن للناس ما يرد عليه من الآفاق ، ويرشدهم إلى ما فيه صلاحهم وفسادهم ، ويوقفهم على ما يمسّهم من المضارّ والمنافع ، ويعظهم ويمنّيهم ويرغّبهم ويرهبهم ، ومَن هذا شأنه لا بد وأن تكون له السيطرة على الأُمور والتسلط على كافة الشؤون ، وليس هو إلا الإمام ( عليه الإمام ) أو المنصوب الخاص ، فليس لغيره التصدّي لهذا المقام.
والجواب : أن الامتياز المزبور مما لا مساغ لإنكاره ، غير أنه ليس لأجل اعتبار هذه الأُمور في إمام الجمعة شرعاً بحيث لا تنعقد مع الفاقد لها ، بل لأن طبع الحال يقتضي ذلك ، إذ بعد كون الجمعة مشهداً عظيماً يشترك فيه جميع المسلمين ، لانحصار عقدها في البلد ونواحيها إلى ما دون الفرسخين من كل
__________________
(١) [ بل الموجود في العلل للإمام ].
(٢) الوسائل ٧ : ٣٤٤ / أبواب صلاة الجمعة ب ٢٥ ح ٦.