وأما إذا شرع فيها قبل ذلك فدخل أحد هذه الأوقات وهو فيها فلا يكره إتمامها ، وعندي في ثبوت الكراهة في المذكورات إشكال (١).
______________________________________________________
(١) قد عرفت أن الكراهة غير ثابتة من أصلها لا حدوثاً ولا بقاءً ، فلا كراهة لا في الشروع ولا في الإتمام.
وأما بناءً على الالتزام بثبوتها ، فهل تختص بحالة الشروع فلا كراهة في الإتمام فيما لو دخل أحد هذه الأوقات في الأثناء؟
يظهر من الماتن ذلك وليس له وجه ظاهر ، بل مقتضى التعليل الوارد في صحيح ابن مسلم المتقدم (١) هو التعميم ، لاتحاد المناط وهو مرجوحية الخشوع والخضوع والركوع والسجود عند ما تكون الشمس بين قرني الشيطان ، فانّ هذه العلة مشتركة ، فإن عملنا بالصحيحة لم يكن بدّ من الالتزام بالكراهة في كلتا الصورتين ، وإن حملناها على التقية لا موجب للالتزام بها في شيء منهما ، فالتفكيك بينهما بلا موجب.
وهكذا الحال في صحيحة عبد الله بن سنان النافية للصلاة عند انتصاف النهار وحلول الزوال فيما عدا يوم الجمعة المحمولة على نفي الكمال كما سبق (٢) ، فان مقتضى إطلاقها أيضاً عدم الفرق بين الاحداث والإتمام ، فان عملنا بها عمّمناها لهما ، وإلا فلا يستفاد منها الكراهة في شيء منهما ، فما صنعه في المتن تبعاً لبعض من تقدمه من التفكيك بينهما غير ظاهر الوجه ، والله سبحانه أعلم.
هذا آخر ما أردنا إيراده في هذا القسم والحمد لله رب العالمين وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وآله الطاهرين ، ويليه القسم الثاني مبتدءاً بـ ( فصل في أحكام الأوقات ) إن شاء الله تعالى.
__________________
(١) ، (٢) في ص ٣٦١.