العامة ، بل غايتها اعتبار الوثاقة.
اللهم إلا أن يريد قدسسره من العدالة معناها اللغوي أعني مجرد الاستقامة في العمل (١) ، بأن يكون مواظباً على الوقت بعد كونه عارفاً به وملتزماً بإيقاع الأذان في وقته التزاماً تاماً ، وإن لم يكن ملتزماً في سائر أحكام الدين ، فالاستقامة في الأذان أوجب إطلاق العدل عليه ، ولكنه بعيد عن ظاهر العبارة كما لا يخفى.
وكيف ما كان ، فقد وقع الخلاف في اعتبار أذان الثقة العارف فأثبته جماعة وأنكره آخرون.
ويستدل للاعتبار بطائفة من الأخبار وهي كثيرة ، والمعتبرة منها روايتان اشتملتا على التقييد بالثقة ، وإن كان غيرهما مطلقة من هذه الجهة بحيث لو صح أسنادها لزم ارتكاب التقييد وحملها على أذان الثقة جمعاً.
إحداهما : صحيحة ذريح المحاربي قال : « قال لي أبو عبد الله عليهالسلام : صلّ الجمعة بأذان هؤلاء فإنهم أشدّ شيء مواظبة على الوقت » (٢) حيث يظهر من التعليل أن الاعتماد على أذانهم إنما هو من أجل حصول الوثوق بدخول الوقت ، لمكان مواظبتهم عليه وإخبارهم عنه بالدلالة الالتزامية كما لو أخبروا عنه بالمطابقة. إذن فيعتمد على أذان كل من كان ثقة مواظباً على الوقت.
والتقييد بالجمعة إنما هو من أجل امتيازها بالشروع في الصلاة بمجرد دخول الوقت بخلاف سائر الأيام ، حيث يستحب التأخير لمكان النوافل ، فلا خصوصية لها ولا فرق بينهما في كاشفية الأذان عن دخول الوقت بالضرورة.
ثانيتهما : صحيحة الحلبي التي رواها الكليني بطريقين معتبرين عن أبي
__________________
(١) لسان العرب ١١ : ٤٣٠.
(٢) الوسائل ٥ : ٣٧٨ / أبواب الأذان والإقامة ب ٣ ح ١.