بتقريب أن هذه الأخبار إما أنها مخصصة لدليل وجوب الإمساك إلى الليل فيجوز الإفطار قبل الاستتار حتى واقعاً فيما إذا ظن به ، وإما أنه لا تخصيص بل مفادها حجية الظن وكونه طريقاً إلى الواقع لدى العجز عن تحصيل العلم وما بحكمه من بينة ونحوها.
لكن لا سبيل إلى الأول ، فإن لسان هذه النصوص تفرغ عن محض الطريقية من غير تصرف في الواقع ، كما أنّ لسان ما دل على وجوب الإمساك إلى الليل كقوله تعالى ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيامَ إِلَى اللَّيْلِ ) (١) في قوة الاستمرار بحيث يكاد يأبى عن التخصيص ، فلا يحتمل جواز الإفطار قبل الغروب في مورد ما ليستوجب ارتكابه كما لا يخفى ، إذن فيتعين الثاني ، ومقتضاه حجية الظن وإحراز الواقع به شرعاً وثبوت الوقت تعبداً ، فاذا ثبت ترتبت عليه جميع آثاره الشرعية من الإفطار وجواز الدخول في الصلاة وغيرهما من غير خصوصية للأول وإن كان هو مورد النص ، فلا ندعي التعدي عنه قياساً للصلاة على الصوم ، ولا من باب عدم القول بالفصل ليورد على الأول بأنه ليس من مذهبنا ، وعلى الثاني بأن المسألة متفق عليها في الصوم مختلف فيها في الصلاة ، فالفصل موجود ومعه لا موقع لدعوى عدم القول به ، بل ندعي استظهار حجية الظن من هاتيك النصوص بمناط الطريقية والكشف التعبدي عن الواقع في باب الأوقات ، فإذا ثبت الوقت شرعاً ترتبت عليه الآثار برمتها.
نعم يختص موردها بالموانع النوعية من غيم ونحوه ، فلا يكون حجة في الموانع الشخصية لعدم الدليل ، والمرجع حينئذ أصالة عدم الحجية. فينبغي التفصيل بينهما حسبما عرفت.
ثالثها : ما رواه السيد المرتضى نقلاً عن تفسير النعماني بإسناده عن
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٨٧.