والجواب : مضافاً إلى ضعف أسانيد الجميع بالإرسال ، أنّ غاية ما يستفاد منها كون الجمعة حقاً للإمام عليهالسلام ومِن مناصبه بحسب الجعل الأوّلي ، فلا ينافي ذلك إذنهم عليهمالسلام للشيعة وترخيصهم في إقامتها على سبيل الإطلاق كما ثبت في الحكم ونحوه ، وقد ثبت الاذن العام عنهم عليهمالسلام في المقام بمقتضى الأخبار المتقدّمة الدالة على الوجوب التخييري التي منها ما دلت على الوجوب إذا كان هناك إمام يخطب.
ومن ذلك يظهر الجواب عما استدلوا به من قوله عليهالسلام في الصحيفة السجادية في دعاء يوم الجمعة والأضحى : « اللهم إنّ هذا المقام لخلفائك وأصفيائك ومواضع أُمنائك في الدرجة الرفيعة التي اختصصتهم بها قد ابتزوها وأنت المقدّر لذلك إلى قوله عليهالسلام حتى عاد صفوتك وخلفاؤك مغلوبين مقهورين مبتزين يرون حكمك مبدّلاً وكتابك منبوذاً .. » إلخ (١). فإن غايته أن هذا المقام أي إقامة الجمعة حق مختص بهم عليهمالسلام فلا ينافي تفويضه لشيعتهم وترخيصهم في إقامتها من دون تعيين شخص خاص كما عرفت.
الثامن : الأخبار الواردة فيما إذا اجتمع عيد وجمعة المتضمنة لإذن الإمام عليهالسلام في خطبة العيد للنائين بالرجوع إلى أماكنهم إن شاؤوا وعدم حضور الجمعة الكاشفة عن كون الإقامة حقاً مختصاً به عليهالسلام وإلا فكيف يسوغ له الترخيص في ترك فريضة عينية إلهية ، وهل ذاك إلا كترخيصه في ترك صلاة الغداة مثلاً.
فمنها : صحيحة الحلبي « أنه سأل أبا عبد الله عليهالسلام عن الفطر والأضحى إذا اجتمعا في يوم الجمعة ، فقال : اجتمعا في زمان علي عليهالسلام ، فقال : من شاء أن يأتي إلى الجمعة فليأت ، ومن قعد فلا يضرّه
__________________
(١) الصحيفة السجادية : ٣٥١ / ١٥٠.