فإن النهي عن الإعادة خير شاهد على الصحة وعلى جواز ما صنعه من التعويل على الظن ، وأما النهي عن العود إلى مثله فمحمول على ضرب من التنزه ، وأن الأولى الاستناد في معرفة الأوقات إلى اليقين أو ما بحكمه.
وقد يقال بأنها على خلاف المطلوب أدل ، فيستدل بها على عدم جواز التعويل على الظن لمكان النهي عن العود ، وأما عدم الإعادة فهو من أجل انكشاف وقوعها بتمامها في الوقت فلا مقتضي لها لا من أجل الاعتماد على الظن.
ولكن الظاهر فساد الاستدلال من الطرفين وعدم جواز الاستناد إليها لشيء من القولين ، إذ لم يفرض في الرواية تعويل الراوي على الظن غير المعتبر حينما دخل في الصلاة لتكون مرتبطة بما نحن فيه نفياً أو إثباتاً. إذن فالمحتمل فيها بدواً أمران :
أحدهما : التعويل في يوم غيم على العلم الوجداني أو حجة شرعية من البينة أو أذان العارف ونحوهما.
ثانيهما : أنه اقتحم في الصلاة لمجرد احتمال دخول الوقت ورجائه من غير استناد إلى أي حجة بتاتاً ، ثم استبان الدخول منذ الشروع فيسأل عن صحة مثل هذه الصلاة وفسادها.
لكن الاحتمال الأول بعيد غايته ، إذ بعد الاستناد إلى الحجة الشرعية واستبانة إصابتها مع الواقع فما هو الموجب لتوهم الفساد والباعث لتطرق احتماله ليحتاج إلى السؤال ، فإن صدور مثله بعيد عن الأشخاص العاديين فضلاً عن مثل بكير بن أعين الذي هو من الفقهاء الأجلاء ، بل فضّله بعضهم على أخيه زرارة ، فلا جرم يتعين الاحتمال الثاني ، ويكون محصل الجواب صحة الصلاة المنكشف وقوعها بتمامها في الوقت فلا يعيدها إلا أنه لا يعود إلى مثل هذا العمل ، بل اللازم على المصلي إحراز دخول الوقت بعلم وجداني أو تعبدي. وكيف ما كان ، فهي أجنبية عما نحن بصدده.