في خطوط طولية على غرار خط نصف النهار ، ومع ذلك يحصل من تقاطع الخط الخارج منه مع الخط الاعتدالي زوايا قوائم كما لا يخفى ، غايته أنّ بعض الزوايا يكون ضلعاها حينئذ أكبر من الأُخرى ، فلا ينحصر حصول الزاوية القائمة بما فرضه المعترض كي تكون القبلة نقطة الجنوب دائماً ، وهذا ظاهر.
نعم يتوجه عليه أولاً : أن تفسير الجهة بما ذكره لا دليل عليه ، فالاجتزاء في تحقق الاستقبال بالاتجاه نحو أي نقطة من نقاط الخط الاعتدالي على نحو تتشكل منه زاوية قائمة لم يثبت بدليل شرعي ، وهي دعوى بلا برهان ، وعلى مدعيها الإثبات.
وثانياً : أن الاتجاه نحو الخط الاعتدالي بنحو الزاوية القائمة قد يستوجب الانحراف عن الكعبة بدرجات كثيرة ، بحيث لو كانت الزاوية حادة أو منفرجة كان الاتجاه إلى الكعبة أقرب مما لو كانت قائمة ، ولا سيما في البلدان الواقعة في شرقي مكة أو غربها كجدة ونحوها التي تكون قبلتها نقطة المشرق أو المغرب تحقيقاً ، فلا يطّرد الضابط المزبور على سبيل الإطلاق كما لا يخفى.
فتحصل : أن شيئاً من هذه الوجوه التي ذكروها لتفسير الجهة لا يرجع إلى محصل ولا يمكن المساعدة عليها.
وأما الإشكال المتقدم الذي من أجله التزموا بكون القبلة للنائي هي الجهة دون العين ، أعني بطلان صلاة المأموم لو كان البعد بينه وبين الإمام أكثر من طول الكعبة كما تقدمت الإشارة إليه (١) فهو مبني على تخيّل موازاة الخطوط الخارجة من موقف المصلين إلى الكعبة وأن البعد بينها على حدّ سواء. وعليه يتجه الإشكال ، لكنك ستعرف أن الخطوط لا بد وأن تكون غير متوازية على ما يقتضيه طبع البُعد بعد فرض كرؤيّة الأرض فللخطوط ميلان وانحراف غير
__________________
(١) في ص ٤٢٦.