وأما الخط الاعتدالي المفروض في كلامه قدسسره فهو مغاير لخط الاستواء (١) ويتخلف عنه وينحرف إلى الجنوب أو الشمال حسب اختلاف مدارات الشمس ومثل هذا الخط يمر بسطح الكعبة لا محالة فإن لكل بلد مشرقاً ومغرباً اعتدالياً يغاير البلد الآخر.
ولتوضيح ذلك : خذ كرة وضع يديك على جانبيها من اليمين واليسار ، وافرض هاتين النقطتين ثابتتين وأوصل بينهما بخط هو خط الاستواء ، ثم حرّك الكرة نحو الجنوب يسيراً ، فلا محالة يتنازل القطب الجنوبي ويتصاعد القطب الشمالي ، ثم لاحظ نقطتي المشرق والمغرب الاعتداليين اللذين هما في القطب الشمالي وأوصل بينهما بخيط ونحوه ، ثم حرّك الكرة شيئاً فشيئاً إلى أن تنتهي إلى مكة فأوقفها وضع الخيط عليها ، فهذا هو الخط الاعتدالي المار على سطح الكعبة ، فإذا وقف المصلي نحو هذا الخط بحيث تتشكل زوايا قوائم فهو مستقبل لجهة الكعبة كما مر.
كما أن الإيراد عليه ثانياً بأن لازم ذلك أن يكون جميع البلاد الشمالية بالإضافة إلى مكة قبلتها نقطة الجنوب ، حيث إن الخط الخارج من موقف المصلي إلى الخط المذكور المقاطع له على زوايا قوائم هو خط نصف النهار المفروض ما بين نقطتي الجنوب والشمال في غير محله أيضاً (٢) ، فان موقف المصلي عند توجهه نحو الخط الاعتدالي المزبور لا يلزم أن يكون نقطة الشمال ، بل يمكن أن يقف ما بين الشمال والشرق ، أو بينه وبين الغرب أي
__________________
(١) نعم هو مغاير إلا أنه موازٍ له ، ولا يكاد ينحرف عنه حسب الفرض من كونه اعتدالياً ، فإنّه مفروض في السماء مسامتاً لخط الاستواء المفروض في الأرض ، ومثله لا تغير ولا انحراف فيه أبداً. وما أُفيد في المتن إنما ينطبق على المشرق والمغرب غير الاعتداليين لا الاعتدالي المفروض في كلام الفاضل المقداد والذي هو محط البحث معه.
(٢) بل هو في محله ، لأن تشكيل زاوية قائمة بالإضافة إلى من لا يكون في شمال مكة بل كان منحرفاً منها إلى المشرق أو المغرب يوجب الانحراف منها إلى نقطة الجنوب لا محالة.