ومع عدمه لا بأس بالتعويل عليها (١)
______________________________________________________
إلى الحس كما لو قامت البينة أو أخبر العادل أو الثقة بأن الجدي في الموضع الفلاني بحيث يقطع معه بجهة القبلة قطعاً لا يقل عن الحس ، دون ما إذا استند إلى المبادئ الحدسية من الأمارات الظنية ونحوها ، لقصور دليل الحجية عن الشمول لهذه الصورة كما تقرر في محله.
ودعوى أن المقام من الموارد التي لا سبيل فيها لغير الحدس والاجتهاد كما في إخبار المقوّم والطبيب ومن شاكلهما ، حيث قامت السيرة العقلائية الممضاة شرعاً بعدم الردع على حجية قولهم من باب كونهم من أهل الخبرة لا من باب حجية البينة ، مدفوعة بإمكان إحراز القبلة بالحس حسب القواعد المقررة لتشخيصها على سبيل القطع والبت حسبما عرفت.
وعلى الجملة : عند قيام الأمارة المعتبرة وهي المستندة إلى الحس من شهادة العدلين أو العدل الواحد أو مطلق الثقة يعوّل عليها سواء أفادت الظن الشخصي أم لا ، بل وإن كان الظن الشخصي على خلافها ، فإنها بعد شمول دليل الحجية علم تعبدي ، وهو بمثابة العلم الوجداني في مناط الاعتبار ، من غير فرق في ذلك بين المتمكن من تحصيل العلم الوجداني وعدمه كما في سائر المقامات ، لإطلاق دليل الحجية وعدم اشتراطه بالعجز عن تحصيل العلم ، بل هما في عرض واحد.
وأما إذا كانت الأمارة غير معتبرة وهي المستندة إلى الحدس فلا يعوّل عليها حتى مع العجز عن تحصيل العلم ، إلا إذا أفادت الظن فتكون حجة حينئذ من باب التحري ، لحجية الظن في باب القبلة بالخصوص.
(١) بل قد عرفت عدم البأس حتى مع إمكان تحصيل العلم فيما إذا كانت الشهادة مستندة إلى الحس ، نعم في المستندة إلى الحدس لا اعتبار بها إلا من باب التحري المنوط بالعجز عن تحصيل العلم ، لكن صدق التحري موقوف