والدلو والحوت وهي أشهر الشتاء جنوبية ، فهي تسير من خط الاستواء إلى الميل الأعظم في تسعين يوماً ، وترجع في تسعين شمالاً ، وهكذا من ناحية الجنوب.
إذن فكل بلدة واقعة بين الخط والميل المزبورين ومنها مكة المكرمة ، لأنها دون ثلاث وعشرين درجة كما عرفت تسامت الشمس على رؤوس أهلها وينعدم ظلها مرتين في طول السنة ، مرة صاعدة وهي في الثامن من الجوزاء المطابق للسابع من خرداد من أشهر الفرس ، ومرة اخرى هابطة وهي في الثالث والعشرين من السرطان الموافق للثالث والعشرين من ( تير ماه ). وأما البلاد الواقعة على نفس الميل الأعظم فلا ينعدم الظل فيها في السنة إلاّ مرة واحدة ، كما أن الواقعة في الخارج عن هذا الحد لا ينعدم الظل فيها أصلاً.
وعليه فاذا استقبلنا قرص الشمس في أحد هذين اليومين ساعة زوالها في مكة المتيسر ضبطها جدّاً في هذه الأعصار من طريق الإذاعة فقد استقبلنا مكة واستكشفنا القبلة على سبيل الدقة.
وأما القمر فهو يسير في الفلك المزبور ويقطعه في شهر واحد في كل برج يومين وثلث اليوم بخلاف الشمس التي كانت تقطعه في سنة كاملة حسبما عرفت. وعليه فهو يكون مسامتاً لمكة في منتصف الليل في الشهر مرتين ، كما كانت الشمس مسامتة لها في السنة كذلك ، فاذا شخّص زمان المسامتة بالدقة وشخص منتصف الليل لمكة كان استقبال القمر في بلادنا ونحوها في الوقت المذكور استقبالاً لمكة ولخط القبلة تحقيقاً.
ثم إن السيد الأُستاذ ( دام ظله ) طوى البحث عن جملة مما ذكر في المتن ولم يتعرض إليها إيكالاً إلى وضوحها مما سبق أو قلة الجدوى فلاحظ.