وبالجملة : ما هو المناط في رعاية الاحتياط لدى التمكن من تمام الجهات وهو احتمال أن يكون تركه مخالفة للتكليف الواصل من دون مؤمّن بعينه هو المناط عند العجز عن بعض تلك الجهات ، غايته أن الاحتياط هناك تام وفي المقام ناقص ، وهذا لا يوجب فرقاً بين المقامين كما هو ظاهر.
ثم إنه لو صلى إلى الجهات الممكنة وترك الجهة الأُخرى المتعذرة فهل يجب قضاء الصلاة إلى الجهة المتروكة؟
أما على المختار من عدم وجوب أكثر من صلاة واحدة حتى في سعة الوقت كما مر فلا موضوع لهذا البحث ، إذ لا تجب رعاية الجهات في الوقت فضلاً عن خارجه ، وهذا واضح.
وأما على المبنى المشهور من وجوب الصلاة إلى الجهات الأربع فالمحتملات في المقام ثلاثة ، ولعلّ لكل منها قائلاً.
الأول : عدم وجوب القضاء ، لأنه قد أتى بوظيفته المقررة له في الوقت ، وعمل بالواجب حسب قدرته وطاقته فلم يفت عنه شيء كي يقضي.
الثاني : وجوب القضاء ، للشك في وقوع الصلاة إلى القبلة الواقعية ، والأصل العدم ، فلا بد من الإتيان بالجهة الأُخرى المكملة للجهات كي يحرز الامتثال.
الثالث : التفصيل بين ما لو انكشف الخلاف وتبين أن الجهات المأتي بها كانت إلى غير القبلة فيجب دون ما إذا لم ينكشف ، وهذا هو الصحيح.
أما الوجوب في فرض الانكشاف فلأن القبلة من الأركان التي تبطل الصلاة بفقدها ، ولأجله كانت أحد المستثنيات في حديث لا تعاد ، وعليه فالصلاة الصحيحة قد فاتته في الوقت فيجب القضاء خارجه.
وأما عدم الوجوب عند عدم الانكشاف فلأن القضاء بأمر جديد ، وموضوعه الفوت ، وهو غير محرز لا بالوجدان كما هو ظاهر ولا بالأصل ،