يعلم إجمالاً ببطلان إحدى الصلاتين ، لأن القبلة إن كانت في جهات الاولى فالثانية لم تقع إلى القبلة ، وإن كانت في جهات الثانية فالأُولى فاقدة للاستقبال ، بل لو كانتا مترتبتين كالظهرين والعشاءين يعلم تفصيلاً ببطلان الثانية ، لفقدها إما شرط الترتيب لو كانت القبلة في الثانية أو الاستقبال لو كانت في الأُولى. هكذا ذكروا في وجه الاحتياط.
ويظهر الخدش فيه مما مرّ آنفاً ، إذ بعد البناء على التوسعة في أمر القبلة بالنسبة إلى المتحير وأن ما بين المشرق والمغرب قبلة في حقه كما يفصح عنه نفس دليل الاجتزاء بالجهات الأربع ضرورة احتمال عدم وقوع شيء من الصلوات إلى جهة القبلة وكونها واقعة فيما بين تلك الجهات فلا علم ببطلان شيء من الصلاتين لا الاولى ولا الثانية لا إجمالاً ولا تفصيلاً ، بل كلتاهما محكومة بالصحة وأنها واجدة لشرط الاستقبال ، لأن الانحراف في كل منهما إلى ما دون اليمين والشمال ، وعلى كل حال فلا وجه لرعاية الاحتياط المزبور.
ويؤيد ما ذكرناه : أن الجمع بين المترتبتين كالظهرين والعشاءين وإن كان جائزاً عند الخاصة كما نطقت به الأخبار وعليه عملهم في الأعصار المتأخرة حتى اليوم ، لكنه لم يكن متداولاً في الأزمنة السابقة وفي عصر المعصومين عليهمالسلام بل كان عملهم على التفريق إما لكونه أفضل أو مماشاةً مع العامة وعدم إظهار المخالفة ، حيث إنهم يرون وجوبه ، وبما أن التحير في أمر القبلة قلّما يتفق في البلدان لوجود الأمارات والعلامات غالباً لا أقل من محاريب المسلمين ، ففرض الاشتباه مع العجز عن التحري والاجتهاد لا يكاد يتحقق إلا في مثل الصحاري والبراري عند الأسفار مع كون السماء مغيمة أو في الليل المظلم ، بحيث لا يتمكن من تشخيص جهات الأُفق ولا يتميز المشرق عن المغرب ولا يرى الشمس والقمر ، وبطبيعة الحال من صلى الظهر مثلاً إلى جهات أربع والحال هذه وهو على جناح