وعلى الجملة : فتصحيح العلامة مبني على أصالة العدالة ومن ثم يصحح رواية كل شيعي لم يظهر منه فسق ، ولا يعتمد على رواية غيره وإن كان ثقة ثقة.
وبما أن الراوي في محل الكلام أعني علي بن محمد بن قتيبة وكذلك ابن عبدوس شيعيّان ولم يظهر منهما فسق فمن ثمّ صحّح حديثهما ، ومن البديهي أن مثل هذا التصحيح لا يجدي من لا يرى هذا المبنى ويعتبر وثاقة الراوي كما هو الأصح عندنا.
وأما الثاني : أعني توثيقه لابن عبدوس فهو أيضاً لا يركن إليه ، إذ مع الغض عما عرفت من ابتناء توثيقاته على أصالة العدالة ، أنها مبنية على الاجتهاد والحدس ، لعدم احتمال استنادها إلى الحس مع بُعد العهد والفصل الطويل بين عصره وعصر الرواة ، واحتمال استناد التوثيق إلى السماع ممّن رآه وهو ممن سمعه ، وهكذا إلى أن ينتهي إلى عصر الراوي الذي يوثقه ، فيكون التوثيق مستنداً إلى السماع من ثقة عن ثقة بعيد غايته ، بل لا يكاد يحتمل عادة ولا سيما بعد ملاحظة ما ذكره الشهيد الثاني في الدراية من أن العلماء بعد عصر الشيخ إلى مدة مديدة كانوا يتّبعون آراءه وأقواله حتى سمّوا بالمقلّدة (١). فلا جرم كانت توثيقاته بل وتوثيقات غيره من معاصريه فضلا عمّن تأخر عنه كالمجلسي وابن طاوس وابن داود وأضرابهم شهادات حدسيّة واجتهادات وقتية. ومن البيّن عدم حجية اجتهاد فقيه على مثله وعدم اعتبار الشهادة ما لم تستند إلى الحس ، وإلا فلا شبهة في أن توثيق هؤلاء الإعلام لا يقصر عن توثيق الرجاليين كالنجاشي وغيره.
والمتحصل : أنّ توثيقات العلامة كتصحيحاته ، وكذا توثيقات المتأخرين لا سبيل للاعتماد على شيء منها. إذن فالرواية ضعيفة السند لجهالة الرجلين ومناقشة صاحب المدارك في محلها.
__________________
(١) الدراية : ٢٨.