ثانيها : صحيحة الحلبي قال : « سألت أبا عبد الله عليهالسلام : هل قبل العشاء الآخرة وبعدها شيء؟ قال : لا ، غير أنّي أُصلي بعدها ركعتين ولست أحسبهما من صلاة الليل » (١).
فان المحقق الهمداني قدسسره بعد أن استدل برواية الفضل المتقدمة بناء منه على اعتبارها أيّد المطلوب بهذه الصحيحة ، بتقريب أن المستفاد منها أن الركعتين بعد العشاء مستحبتان في نفسهما وليستا نافلة لها لتشملها النصوص المتقدّمة الناطقة بسقوط نوافل الرباعية في السفر (٢).
ويندفع : بتوقفه على أن يكون المراد من الركعتين هو الوتيرة ، ومن الجائز أن يراد بهما الركعتان اللتان يأتي بهما عن قيام ويقرأ فيهما مائة آية ، وعرفت أنهما صلاة أُخرى غير الوتيرة يستحب الإتيان بهما مستقلا بعد العشاء الآخرة زائدة على النوافل المرتبة.
بل إن هذا هو الظاهر منها بقرينة قوله : « ولست أحسبهما من صلاة الليل » فان ما يتوهم احتسابه منها هي هذه الصلاة ، دون الوتيرة التي تصلى جالساً وتعدّ بركعة ، فإنه لا مجال لتوهم كونها من صلاة الليل بوجه ، كيف والراوي هو الحلبي الذي هو من أعاظم الرواة ، وجلالته تأبى عن أن تخفى عليه الوتيرة ويكون جاهلاً بها ليسأل عنها. نعم لما كانت الركعتان المزبورتان غير معروفتين كان السؤال عنهما في محله.
ثالثها : ما استدل به هو قدسسره أيضاً من أن الأخبار المتقدمة الدالة على السقوط معارضة في الوتيرة بنصوص وردت فيها بالخصوص تضمنت أن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتن إلا بوتر ، المراد بها الوتيرة ، كما في ذيل رواية أبي بصير « قلت : تعني الركعتين بعد العشاء الآخرة؟ قال : نعم إنّهما بركعة » (٣).
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٩٣ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢٧ ح ١.
(٢) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٢ السطر ١٩.
(٣) الوسائل ٤ : ٩٦ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢٩ ح ٨.