والنسبة بينهما عموم من وجه ، لاختصاص تلك الأخبار بالسفر وإطلاقها لنافلة العشاء على العكس من هذه ، وليس الإطلاق في تلك أقوى منه في هذه لو لم يكن الأمر بالعكس لتضمن لسانها نوعا من التأكيد في الإطلاق ، حيث دلت على أن الإتيان بها ينبعث عن الايمان بالمبدإ والمعاد غير المختص بوقت دون وقت.
بل يمكن القول بأنّ لها نوع حكومة على تلك الأخبار ، حيث يفهم منها أن الوتيرة مربوطة بصلاة الليل ، وأن الإتيان بها بعد العشاء لأجل وقوعها قبل المبيت لا لارتباطها بالعشاء. وكيف ما كان فبعد التساقط في مادة الاجتماع يرجع إلى إطلاق دليل المشروعية في الوتيرة الذي مقتضاه عدم السقوط في السفر (١).
ويردّه أوّلاً : أن الوتر غير الوتيرة ، والموضوع في النصوص المزبورة هو الأوّل ، كما أن معنى البيتوتة إنهاء الليل إلى طلوع الفجر ، ويكون محصّل النصوص أن من كان يؤمن بالله واليوم الآخر لا يطلع عليه الفجر إلا بوتر ، والأخبار الواردة في الاهتمام بصلاة الليل بما فيها من الوتر كثيرة جدّاً ليكن هذا منها.
وأما نافلة العشاء فلم يطلق عليها لا الوتر ولا الوتيرة في شيء من الأخبار ، وإن تداول على ألسنة الفقهاء التعبير عنها بالوتيرة. إذن فلا سبيل للاستدلال بهذه الروايات على استحبابها فضلا عن عدم سقوطها في السفر. نعم فسّرت الوتر بها رواية أبي بصير المتقدمة كما سمعت.
ومن هنا جعلها في الحدائق شارحة لإجمال تلك الأخبار (٢) ، ولكنها ضعيفة السند ، لأنّ أكثر رواتها بين مهمل أو مجهول فلا يعوّل عليها. إذن فالروايات
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٢ السطر ٢٢.
(٢) الحدائق ٦ : ٤٧.