وأما المناقشة الثانية : فيمكن الذبّ عنها بأن المستثنى منه في قوله عليهالسلام « لا إلا أن يسلّم .. » إلخ لا يمكن أن يراد به خصوص الأربع الواقع في السؤال ، لامتناع استثناء الفرد عن الفرد ، فلا مناص من أن يراد به مطلق الكيفية التي يمكن إيقاع النافلة عليها من الركعة والثنتين والثلاث وهكذا ، كي يصح الاستثناء ، فيتجه الاستدلال حينئذ كما لا يخفى ، فالإنصاف عدم قصورها إلا من حيث السند كما عرفت.
الثانية : ما رواه ابن إدريس في آخر السرائر نقلاً عن كتاب حريز بن عبد الله عن أبي بصير قال : « قال أبو جعفر عليهالسلام في حديث : وافصل بين كل ركعتين من نوافلك بالتسليم » (١).
ونوقش في سندها بجهالة طريق ابن إدريس إلى كتاب حريز ، إذ لم يدركه بنفسه كي يحتمل نقله عنه بلا واسطة ، وحيث إن تلك الواسطة مجهولة فهي في حكم المرسل.
ويندفع : بأن ابن إدريس ممن لا يعمل بأخبار الآحاد. وعليه فلا يحتمل أن تكون الواسطة شخصاً واحداً مجهولاً كي تكون الرواية في حكم المرسل ، بل طريقه إلى الكتاب إما ثابت بالتواتر أو أنه محفوف بالقرائن القطعية الموجبة للجزم بصحة الطريق لدى كل من اطلع عليها. وبذلك تخرج الرواية عن الإرسال كما لا يخفى (٢).
نعم ، لو كان الراوي غير ابن إدريس ممن يعمل بأخبار الآحاد اتجه الاشكال.
وبالجملة : بعد ملاحظة مسلكه قدسسره في حجية الأخبار لا وقع للمناقشة في سند الرواية.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٦٣ / أبواب أعداد الفرائض ب ١٥ ح ٣ ، السرائر ( المستطرفات ) ٣ : ٥٨٥.
(٢) ولكنه ( طاب ثراه ) عدل عن هذا المبنى أخيراً كما أوعزنا إليه في مطاوي هذا الشرح.