الارتباطي ، كان المرجع حينئذ هو الاشتغال ، لتوقيفية العبادة وعدم ثبوت الترخيص كما ذكر (١).
وأُورد عليه بعدم جريان البراءة في باب المستحبات ، أما العقلية فواضح لعدم احتمال العقاب ، وأما الشرعية فلاختصاص حديث الرفع بمورد الامتنان ولا منّة في رفع المستحب ، إذ لا كلفة في وضعه كي ترفع. مضافاً إلى أنها لا تثبت مشروعية الركعة أو الزائد على الركعتين إلا بالملازمة العقلية.
ومنه يظهر عدم جريان الاستصحاب أيضاً ، أعني أصالة عدم شرطية التسليم في الثانية ، أو عدم مانعيته في الركعة الأُولى ، لكونه من الأصل المثبت كما عرفت.
أقول : أما الاستصحاب فلا مجرى له في المقام ، لا من جهة الإثبات ، بل للابتلاء بالمعارض ، إذ أصالة عدم اعتبار تقيد الركعة الأُولى بكونها موصولة بالثانية المنتج لجواز إتيانها ركعة ركعة ، معارض بأصالة عدم تشريع الركعة على سبيل الإطلاق من حيث الوصل والفصل ، فإن الإطلاق والتقييد متقابلان بتقابل التضاد في عالم الثبوت ، ولا ثالث لهما لاستحالة الإهمال في الواقعيات ، فلا بد للشارع الحكيم من ملاحظة أحد العنوانين في مقام الجعل والتشريع ، فاستصحاب عدم رعاية أحدهما معارض باستصحاب عدم الآخر.
وبعبارة اخرى : الإطلاق والتقييد وصفان وجوديان وكلاهما حادثان مسبوقان بالعدم ، فقبل صدور التشريع لا وجود لشيء منهما ، وبعده يشك في حدوث كل منهما بعد العلم بثبوت أحدهما إجمالاً كما عرفت. وعليه فاستصحاب عدم التقييد معارض باستصحاب عدم الإطلاق لا محالة.
وهذه المعارضة غير المعارضة الثابتة في كافة الاستصحابات الحكمية التي من أجلها نمنع عن حجية الاستصحاب فيها ، إذ تلك معارضة بين مقامي الجعل والمجعول ، وهذه معارضة في مقام الجعل نفسه كما لا يخفى.
__________________
(١) مصباح الفقيه ( الصلاة ) : ١٣ السطر ٣٠.