ثم إنه حكي عن المحقق في المعتبر (١) وجملة من الأصحاب الذهاب إلى استحباب قنوت ثان في مفردة الوتر بعد الركوع ، استناداً إلى ما رواه الكليني عن علي بن محمد عن سهل عن أحمد بن عبد العزيز قال : « حدثني بعض أصحابنا قال : كان أبو الحسن الأول عليهالسلام إذا رفع رأسه من آخر ركعة الوتر قال : هذا مقام مَن حسناته نعمة منك وشكره ضعيف وذنبه عظيم ... » إلخ (٢).
وفيه أوّلاً : أنها ضعيفة السند بالإرسال وبسهل وبابن عبد العزيز فإنه مجهول.
وأما علي بن محمد الذي هو من مشايخ الكليني ، فهو وإن كان مردداً بين ابن عبد الله القمي الذي لم يوثق وبين ابن بندار الموثق ، لاتحاده مع علي بن محمد بن أبي القاسم الثقة ، إلا أنه متى أُطلق يراد به الثاني كما صرح قدسسره بذلك كله في المعجم (٣). فلا نقاش من هذه الجهة.
وثانياً : أنها قاصرة الدلالة ، بداهة أن الدعاء أعم من القنوت المصطلح بين المتشرعة الذي يختص به الشيعة (٤).
وثالثاً : أنها معارضة (٥) بصحيحة معاوية بن عمار عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : ما أعرف قنوتاً إلا قبل الركوع » (٦).
__________________
(١) المعتبر ٢ : ٢٤١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٢٥ / ١٦.
(٣) معجم رجال الحديث ١٣ : ١٣٥ / ٨٣٩٨.
(٤) على أن الظاهر من آخر الركعة هو ما بعد رفع الرأس من السجدة الثانية دون الركوع فإنه أثناؤها لا آخرها ، وتفسيرها به لا ينسجم مع كلمة « آخر » كما لا يخفى فتكون أجنبية عما نحن فيه بالمرّة.
(٥) ولكن النسبة بينهما عموم مطلق كما لا يخفى.
(٦) الوسائل ٦ : ٢٦٨ / أبواب القنوت ب ٣ ح ٦.