وخالفهم السيد المرتضى قدسسره حيث فسّرها بصلاة العصر مدعياً عليه الإجماع (١) ، ولا يخلو من غرابة في مسألة لم يظهر قائل بها سواه. أجل يعضده الفقه الرضوي فقد ورد فيه : قال العالم : « الصلاة الوسطى العصر » (٢).
وقد ورد في ذيل صحيحة زرارة المتقدمة ما لفظه : « وفي بعض القراءة ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ ، وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) ، صلاة العصر ، ( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٣).
وروى الصدوق في الفقيه بإسناده عن الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنه « قال : جاء نفر من اليهود إلى النبي صلىاللهعليهوآله إلى أن قال : وأما صلاة العصر فهي الساعة التي أكل آدم فيها من الشجرة .. إلى أن قال : فهي مِن أحب الصلوات إلى الله عز وجل ، وأوصاني أن أحفظها من بين الصلوات » (٤). والظاهر انه صلىاللهعليهوآله يشير بذلك إلى قوله تعالى ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) (٥).
والكل كما ترى ، أما الرضوي فحاله معلوم ، وأما ذيل الصحيحة فلا سبيل للاعتماد عليه بعد مخالفته لصدرها الصريح في أنها صلاة الظهر ، ولعل المراد ببعض القراءة قراءة العامة ، فيكون ما أُفيد في الصدر هو الصحيح.
على أن التهذيب رواها مع العاطف فنقلها هكذا « ... وصلاة العصر » (٦) فتخرج حينئذ عن كونها تفسيراً للصلاة الوسطى ، لوضوح واو العطف في المغايرة ، وإن كانت العصر أيضاً مورداً للاهتمام والمحافظة.
وأما رواية الصدوق فلأجل اشتمال سندها على عدّة من المجاهيل غير صالحة للتعويل.
__________________
(١) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٥.
(٢) لم نجده في فقه الرضا راجع بحار الأنوار ٧٦ : ٢٨٨.
(٣) الوسائل ٤ : ١٠ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢ ح ١.
(٤) الوسائل ٤ : ١٤ / أبواب أعداد الفرائض ب ٢ ح ٧ ، الفقيه ١ : ١٣٧ / ٦٤٣.
(٥) البقرة ٢ : ٢٣٨.
(٦) التهذيب ٢ : ٢٤١ / ٩٥٤ والموجود في التهذيب بلا واو.