قال : كتاباً ثابتاً ، وليس إن عجّلت قليلاً أو أخّرت قليلاً بالذي يضرّك ما لم تضيّع تلك الإضاعة ، فإن الله عز وجل يقول لقوم ( أَضاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَواتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ) » (١).
وهذه الرواية صحيحة السند كما لا يخفى ، فعدم توصيف صاحب الحدائق إيّاها بالصحة مع أنّ دابة التعرض لذلك غير ظاهر الوجه.
لكنها قاصرة الدلالة فإن قوله عليهالسلام : « ما لم تضيّع تلك الإضاعة .. » إلخ حمله صاحب الحدائق على الوقت الثاني ، وهذا اجتهاد وتأويل منه ، بل الظاهر أنّ المراد من تلك الإضاعة كان معنى معهوداً بين الراوي والإمام عليهالسلام وهو لا يخلو عن أحد أمرين : إما الصلاة خارج الوقت أي بعد مغيب الشمس ، أو تأخيرها إلى أوان اصفرارها بحيث يكون ذلك عادة له ووقتاً دائمياً يستمر عليه إعراضاً عن السنة ورغبة عنها ، والحرمة في كلا الفرضين ظاهرة ، وهما أجنبيان عن محل البحث كما عرفت.
ومنها : موثقة أبي بصير المروية في التهذيب قال : « قال أبو عبد الله عليهالسلام إنّ الموتور أهله وماله من ضيّع صلاة العصر ، قلت : وما الموتور؟ قال : لا يكون له أهل ولا مال في الجنة ، قلت : وما تضييعها؟ قال : يدعها حتى تصفرّ أو تغيب » (٢) هكذا نقلها في الحدائق عن التهذيب عاطفاً « تغيب » على « تصفر » بأو (٣) لكن الموجود في الوسائل نقلاً عنه هو العطف بالواو.
والصحيح هو العطف بالواو ، لمسبوقية الغيبوبة بالاصفرار دائماً ، فلا معنى لجعل الغاية كلا منهما برأسه كما يقتضيه العطف بأو ، بل العبرة بأحدهما لا محالة ويكون ذكر الآخر مستدركاً ، أما إذا كان بالواو فالغاية إنما هي الاصفرار الذي
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٩ / أبواب أعداد الفرائض ب ٧ ح ٤. الكافي ٣ : ٢٧٠ / ١٣.
(٢) الوسائل ٤ : ١٥٢ / أبواب المواقيت ب ٩ ح ١. التهذيب ٢ : ٢٥٦ / ١٠١٨.
(٣) الحدائق ٦ : ٩٢.