وقد يقال بعدم دلالتها على التحريم في محل الكلام حتى مع قطع النظر عن الصدر ، لظهور الذيل في أنّ مورد المنع هو اتخاذ آخر الوقتين وقتاً دائمياً ويستمر على ذلك ، ولا ريب في الحرمة في هذا الفرض ، لما فيه من الإعراض عن السنّة وعدم الاعتناء بها ، المتضمن لنوعٍ من الاستهانة والتخفيف بالشريعة المقدسة ، دون مَن يؤخّرها أحياناً أو لاعتقاد التوسعة من دون رغبة عن السنة وإعراض عنها الذي هو محل الكلام.
وهذا الاستظهار وإن كان قابلاً للمناقشة لكنه لا بأس به من باب التأييد.
ومنها : رواية إبراهيم الكرخي قال : « سألت أبا الحسن موسى عليهالسلام متى يدخل وقت الظهر إلى أن قال فمتى يخرج وقت العصر؟ فقال : وقت العصر إلى أن تغرب الشمس وذلك من علة وهو تضييع ، فقلت له : لو أنّ رجلاً صلى الظهر بعد ما يمضي من زوال الشمس أربعة أقدام ، أكان عندك غير مؤد لها؟ فقال : إن كان تعمّد ذلك ليخالف السنّة والوقت لم يقبل منه ، كما لو أنّ رجلاً أخّر العصر إلى قرب أن تغرب الشمس متعمداً من غير علة لم يقبل منه ، إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله قد وقّت للصلوات المفروضات أوقاتاً وحدّ لها حدوداً في سنته للناس ، فمن رغب عن سنّة من سننه الموجبات كان مثل من رغب عن فرائض الله » (١).
وفيه : مضافاً إلى ضعف السند بإبراهيم الكرخي فإنه لم يوثق ، أنّها ظاهرة في أنّ مورد المنع إنما هو الاعراض عن السنة باتخاذ الوقت الثاني وقتاً دائمياً وسيرة يستمر عليها رغبة عما سنّه رسول الله صلىاللهعليهوآله ولا ريب في حرمة التأخير بهذا العنوان الذي هو أجنبي عن محل الكلام كما عرفت آنفاً.
ومنها : صحيحة داود بن فرقد المروية في الكافي قال : « قلت لأبي عبد الله عليهالسلام قوله تعالى ( إِنَّ الصَّلاةَ كانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتاباً مَوْقُوتاً )
__________________
(١) الوسائل ٤ : ١٤٩ / أبواب المواقيت ب ٨ ح ٣٢.