وثانياً : أنّ الاستدلال موقوف على أن يكون مقول القول في قوله عليهالسلام « وليس كما يقال » أمراً معهوداً بين الراوي والإمام ولم يذكر في الرواية ، وأنّ قوله : « من أخطأ وقت الصلاة ... » إلخ جملة مستقلة منقطعة عما قبلها.
إلا أنّ هذا المعنى خلاف الظاهر من الرواية جدّاً ، بل المتبادر منها أن مقول القول هو قوله : « من أخطأ وقت الصلاة » إلى آخر الرواية ، ويشهد له قوله في صدر الحديث : « إنّا لنقدّم ونؤخّر ».
فحاصل المعنى حينئذ : أنّ ما يقال من أنّ من أخطأ وقت الصلاة فقد هلك وأنه إنما الرخصة للناسي والمريض ... إلخ ليس بصحيح ، فانا نقدّم ونؤخّر فنصلّي أوّل الوقت وآخره من دون شيء من هذه الأعذار.
وعليه فالرواية لولا ضعف سندها على مسلك المشهور أدلّ كما لا يخفى.
ومنها : صحيحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله عليهالسلام « قال : لكل صلاة وقتان ، وأوّل الوقتين أفضلهما ، ووقت صلاة الفجر حين ينشق الفجر إلى أن يتجلل الصبح السماء ، ولا ينبغي تأخير ذلك عمداً ، ولكنه وقت من شغل أو نسي أو سها أو نام ، ووقت المغرب حين تجب الشمس إلى أن تشتبك النجوم ، وليس لأحد أن يجعل آخر الوقتين وقتاً إلا من عذر أو من علة » (١).
وفيه : أنّ قوله عليهالسلام : « وأول الوقتين أفضلهما » صريح في اشتراك الوقتين في الفضيلة ، غايته أنّ أوّلهما أفضل ، فيكون ذلك قرينة على إرادة المرجوحية ، والحزازة من كلمة « لا ينبغي » وإن كانت في حدّ نفسها ظاهرة في التحريم والمنع على الأصح كما قدمناه سابقاً ، وكذا قوله : « وليس لأحد ... » إلخ ، فالصحيحة في حدّ نفسها مع قطع النظر عن الصدر وإن كانت ظاهرة في الحرمة إلا أنه يرفع اليد عنها وتحمل على الكراهة بتلك القرينة. وعليه فهي دليل للمشهور لا عليهم.
__________________
(١) الوسائل ٤ : ٢٠٨ / أبواب المواقيت ب ٢٦ ح ٥.