ويؤيّده : أنّ جمعاً ممّن استدلّوا به له يقتصرون على قول الراوي : ( فجهر مرّتين ببسم الله الرحمن الرحيم ) ويتركون آخره ؛ بناءً على أنّه أحد الأُمور التي شاهدها منه في تلك الأوقات.
٥ ـ ومنها : أنّ تلك الصلاة كانت ثنائيّة كما هو ظاهر الخبر ، بناءً على جعل الظرف قيّداً للقنوت والجهر ، إلّا إنّه عليهالسلام ترك بسملة السورة في الركعتين تقيّةً كما هو مذهب بعض الشافعيّة ؛ بناءً على عموم التقيّة فيها ، أو أنّه عليهالسلام ترك الجهر بالبسملة في السورة كما هو قول جلّ العامّة ، أو أنّه ترك السورة تقيّةً ؛ لكونه مذهب الشافعي وغيره من الجمهور ، أو أنّ الراوي كان مسبوقاً بركعةٍ ، أو أنّه لم يسمع جهر الإمام عليهالسلام في إحدى الركعتين لكثرة الصفوف وبُعْده عنه ، إذ لا يجب على الإمام إسماع المؤمنين إذا كثروا ؛ لصحيح عبد الله بن سنان ، قال : قلت لأبي عبد الله عليهالسلام : على الإمام أنْ يُسْمع مَنْ خلفه وإنْ كثروا؟ قال : « ليقرأ قراءة وسطاً ، يقول الله تبارك وتعالى ( وَلا تَجْهَرْ بِصَلاتِكَ وَلا تُخافِتْ بِها ) (١) » (٢).
كما حمل عليه الشيخ خبر مِسْمَع البصري ، قال : ( صلّيت مع أبي عبد الله عليهالسلام فقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ. الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ ) (٣) ، ثمّ قرأ السورة التي بعد الحمد ، ولم يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ثمّ قام في الثانية ، فقرأ الحمد ولم يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ) ثمّ قام في الثانية ، فقرأ الحمد ولم يقرأ ( بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ).
حيث قال : ( لا ينافي هذا الخبر ما قدّمناه من تأكيد الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم ؛ لأنّه يتضمّن حكاية فعل ، ويجوز أنْ يكون مِسْمَع لم يسمع أبا عبد الله عليهالسلام يقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ؛ لبُعْدٍ كان بينه وبينه ) (٤). انتهى كلامه ، علت في الخلد أقدامه.
وكيف كان ، فالوجه الحسن في تقريب هذا الحسن هو ما قدّمناه أوّلاً.
__________________
(١) التهذيب ٢ : ٢٨٨ / ١١٥٥ ، الاستبصار ١ : ٣١١ / ١١٥٧.
(٢) الكافي ٣ : ٣١٧ / ٢٧.
(٣) الحمد : ١ ـ ٢.
(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٨ / ١١٥٤ ، الاستبصار ١ : ٣١١ ـ ٣١٢ / ١١٥٨.