فيه مذهب أولئك العداة الطغام الطغاة.
ولا ريب أنّ مَنْ يجهر بها منهم قد لا يخصّ الجهر بالأُوليين ، كما أنّ مَنْ يخفت بها منهم يخفت في الموضعين.
فمقتضى خلاف مذهبهم والردّ عليهم ، شمول الجهر للأخيرتين ، كما تحكم به ضرورة المخالفة بين المذهبين.
ولا تضرّ رواية الخبر بطريق الوجادة ؛ لاعتضاده بقرائن قويّة الإجادة والإفادة ، بل يمكن الاستدلال على جواز العمل والرواية بها بما في ( الكافي ) عن أبي عبد الله عليهالسلام : « اكتب وبثّ علمك في إخوانك ، فإنْ متّ فأورث كتبك لبنيك ؛ فإنّه يأتي على الناس زمان هرج لا يأنسون فيه إلا بكتبهم » (١) الخبر. والتقريب فيه ظاهر لذي النظر.
إذا تقرّر هذا فنقول : قد تضمّن هذا الخبر أحكاماً كثيرة ، في التنبيه عليها فوائد أثيرة :
(١) فمنها : النهي عن الصلاة خلف مَنْ لا يجهر بالبسملة.
وهو موافقٌ للقول بالوجوب ، مخالفٌ لما اشتهر بين الإماميّة ، بل نقل عليه الإجماع كما مرّ فلا مناص من اطّراحه ؛ لقوله عليهالسلام : « خذ ما اشتهر بين أصحابك ، ودع الشاذّ النادر » (٢). أو حمله على خلاف ظاهره ؛ بناءً على أنّ العمل بالدليلين بالجمع بينهما مهما أمكن خيرٌ من الاطّراح ودفعهما بالراح.
هذا ، ولنا أنْ نبقيه على ظاهره ، بحمل ( مَنْ لا يجهر بها ) على منكر الجهر بالأصالة ، ونافيه من رأس ، كما هو رأي جمهور أولئك الناس ؛ لمخالفته ضروري المذهب وإن كان في نفسه يستحبّ.
ويؤيّده جعله في عداد ما هو كذلك ، والله العالم بما هنالك.
(٢) ومنها : النهي عن الصلاة خلف المجهول.
ولا إشكال فيه بعد الإجماع محصّلاً ومنقولاً على اشتراط الإيمان والعدالة في
__________________
(١) الكافي ١ : ٥٢ / ١١ ، وفيه : ( بنيك ) بدل : ( لبنيك ) ، الوسائل ٢٧ : ٨١ ، أبواب صفات القاضي ، ب ٨ ، ح ١٨.
(٢) غوالي اللئالئ ٤ : ١٣٣ / ٢٢٩ ، وفيه : ( بما ) بدل : ( ما ).