ويدلّ عليه أيضاً ما رواه الصدوق ، والشيخ ، بإسناديهما إلى أبي ذر رحمهالله ، قال : « إنّ إمامك شفيعك إلى الله ، فلا تجعل شفيعك سفيهاً ، ولا فاسقاً » (١).
وأبو ذر رحمهالله وإنْ لم يسنده إلى النبيّ صلىاللهعليهوآله ، أو أمير المؤمنين عليهالسلام ، إلّا إنّه صادق اللهجة ، بشهادة الحديث المشهور بين الأمّة (٢) ، مع اعتضاده بما روي عنه صلىاللهعليهوآله : « إنّ أئمّتكم وفدكم إلى الله ، وشفعاؤكم إليه » (٣).
و ( السفيه ) يطلق على الجاهل بالأحكام ، والمبذّر الذي يصرف ماله في غير غرضٍ صحيح ، وعلى من يستطيل على مَنْ دونه ويخضع لِمَنْ فوقه ، كما ذكره الفخر في مجمعه واستقرب إطلاقه على الذي لا يبالي بما قال ، ولا ما قيل فيه (٤).
أقول : ولو أُريد به المخالف أيضاً لم يكن بعيداً من الصواب ؛ لإطلاقه عليه في كثيرٍ من أخبار الأطياب.
فعلى ما ذكرنا ينكشف عن وجه المنع الحجاب ، وأمّا على تلك المعاني فلعلّه للإخلال بالعدالة ، مضافاً إلى ورود النصّ به ، وكفى به مثبتاً للمقالة.
وفي ( الجواهر ) : ( عن جماعةٍ : كراهة إمامة السفيه ) (٥).
وعن ( التذكرة ) الإشكال في إمامته (٦).
لكنّه إنّما يتمّ على عدم اشتراط المروّة في العدالة ، أمّا عليه فلا مناص عن التحريم ، مضافاً لنبوِّ ذلك المنصب العظيم عن ذلك الوصف الذميم.
(٤) ومنها : النهي عن الصلاة خلف مَنْ تشهد عليه بالكفر ، ويشهد عليك به.
والوجه فيه بعد الإجماع بقسميه على اشتراط الإيمان ظاهر لا يشتبه.
ويدلّ عليه أيضاً ما رواه الصدوق ، بإسناده عن محمّد بن علي الحلبي ، عن
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٤٧ / ١١٠٣ ، علل الشرائع ٢ : ٢٠ / ٢٠ ، التهذيب ٣ : ٣٠ / ١٠٧.
(٢) كنز العمّال ١١ : ٦٦٦ / ٣٣٢٢٠.
(٣) قرب الإسناد : ٧٧ / ٢٥٠ ، ولم يرد فيه : « وشفعاؤكم إليه ».
(٤) مجمع البحرين ٦ : ٣٤٧ سفه.
(٥) الجواهر ١٣ : ٣٩١.
(٦) تذكرة الفقهاء ٤ : ٣٠٠.