فلمّا مات عليهالسلام أنكرا موته ، وأذاعا في الشيعة أنّه لا يموت ؛ لأنّه القائم ، وانتشر قولهما في الناس ، ثمّ أوصيا عند موتهما بالمال لورثته عليهالسلام ، واستبان للشيعة أنّهما إنّما قالا ذلك طمعاً في المال. رزقنا الله حسن المآل.
قلت : لعلّ الرجل الآخر المذكور هو عثمان بن عيسى الرواسي ؛ لأنّه أحد وكلائه عليهالسلام بالكوفة ، وأنّه أنكر ما عنده له من المال ، ثمّ مات وبعث للرضا عليهالسلام بالمال. وقد عدّ أيضاً ممّن أجمعت العصابة على تصحيح ما يصحّ عنهم (١). والله العالم.
فإنْ قيل : إنّ ذلك الخبر مرويّ عن الصادق عليهالسلام ، والوقف إنّما صار على الكاظم عليهالسلام كما نطقت به الأخبار الكثيرة (٢) ، أو الرضا عليهالسلام كما في هذا الخبر ، فكيف التوفيق؟
قلت : لا منافاة بين الأمرين :
أمّا أوّلاً ؛ فلأنّ الصادق عليهالسلام [ لمّا (٣) ] سئل عمّن لا تجوز الصلاة خلفه ، استدعى ذلك بيان جميع الأصناف وكان من جملتهم الواقفي ، فعدّه عليهالسلام في جملتهم ، بناءً على علمه عليهالسلام بأنّ ذلك سيقع بعده.
وأمّا ثانياً ؛ فلأنّه لمّا كان كلّ إمام سابق يخبر عن إمامة الإمام اللاحق ولو بنصّ رسول الله صلىاللهعليهوآله عليهم فلعلّه عليهالسلام أخبرهم عنه صلىاللهعليهوآله بإمامة ابنه موسى ، وإمامة باقي الأئمّة عليهمالسلام ، فقبلوا إمامة موسى عليهالسلام خاصّة ، أو إمامة ابنه الرضا عليهالسلام كما في هذا الخبر وأنكروا إمامة الباقين الغرر ، فنهى عن اتّباعهم ، والاقتداء بهم ؛ لأنّ مَنْ أنكر واحداً منهم فقد أنكر الكلّ ، وأشرك أو كفر.
لكن هذا الوجه لا يلائم السبب المذكور في ذلك الخبر المزبور.
وقد تدخل الناووسيّة أيضاً في الواقفيّة ، على ما هو الأشهر عنهم من سوقهم الإمامة إلى الصادق عليهالسلام ، ووقوفهم عليه ، وقولهم : إنّه حيّ ، ولن يموت حتى يظهر أمره ، وهو القائم المهدي عندهم (٤). وحينئذٍ لا يبعد إرادتهم ، والله العالم.
__________________
(١) رجال الكشي ٢ : ٨٣٠ ٨٣١.
(٢) رجال الكشي ٢ : ٧٥٧ ٧٦٣.
(٣) نسخة « ب ».
(٤) فرق الشيعة : ٧٨ ، كتاب المقالات والفرق : ٧٩ : ٨٠ / ١٥٥.