وصحيح الأصْبَغ بن نُبَاتَة ، المرويّ في ( الخصال ) ، قال : سمعت أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : « ستةٌ لا ينبغي أنْ يؤمّوا الناس » .. (١) وعدّ منهم المحدود.
فعمل بإطلاقها الشامل للتائب ، وغيره أبو الصلاح (٢) ، إلّا لمثله. وقيّد الأكثر الحرمة بما قبل التوبة ، أمّا بعدها فالكراهة خاصّةً ؛ للفسق في الأوّل ، والنقص في الثاني.
مضافاً فيه إلى الأصل ، وعموم : « يؤمّكم أقرؤكم » (٣) ، وأنّه ليس أسوأ حالاً من الكافر ، وبالتوبة واستجماع الشرائط تصحّ إمامته.
ولا يخفى أنّ هذه الاعتبارات الباردة لا تقوى على معارضة تلك الصحاح الصراح الخاصّة الناصّة الواردة.
على أنّ تقييد الجواز بالكراهة خارجٌ عن حكم سلطان الأصل ، وعموم إمامة ( الأقرأ ) مخصّصٌ بهذا النصّ الخاصّ ، والحمل على الكافر باطلٌ ؛ للفارق الصادق ، لبقاء النفرة من المحدود بعد التوبة ، وزوالها من الكافر بعد الإسلام ، بل علوّ رتبته إذا عمل بتلك الأركان ، كما يشهد به العيان.
هذا ، وإطلاق تلك الصحاح شاملٌ للإمامة لمثله وغيره ، فتجويز أبي الصلاح إمامته لمثله تقييدٌ لها بالراح ، وهو في حكم الاطّراح.
نعم ، بقي في المقام أمران :
الأوّل : إتيان صحيح الأصْبَغ بلفظ « لا ينبغي » ، وليست حقيقة في الحرمة ، فتكون قرينةً على إرادة الكراهة في ذينك الصحيحين.
الثاني : ورود الخبر بقبول شهادته بعد توبته ، فلعلّه يصلح شاهداً على جواز إمامته.
وقد يجاب عن الأوّل بأمرين :
الأوّل : أنّها وإنْ لم تكن حقيقةً في التحريم إلّا أنّ إتيانها له شائع في الأخبار ، ذائعٌ
__________________
(١) الخصال : ٣٣١ / ٢٩ ، الوسائل ٨ : ٣٢٢ ، أبواب صلاة الجماعة ، ب ١٤ ، ح ٦.
(٢) الكافي ( أبو الصلاح ) ضمن سلسلة الينابيع الفقهيّة ٣ : ٢٧٤.
(٣) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٨٠ ، الوسائل ٥ : ٤١٠ ، أبواب الأذان والإقامة ، ب ١٦ ، ح ٣.