ولا يخفى أنّ هذه الأخبار تقتضي بظاهرها التحريم ، ويؤيّده تنزيله في صحيح هشام منزلة مَنْ هو أي الحدث في ثيابه ، ونفيه القبول في خبري ( الفقيه ) و ( المعاني ).
إلّا إنّ بإزائها صحيح عبد الله بن الحجّاج ، قال : سألت أبا الحسن عليهالسلام عن الرجل يصيبه الغمز في بطنه ، وهو يستطيع أنْ يصبر عليه ، أيصلّي على تلك الحال ، أو لا يصلّي؟ فقال : « إنْ احتمل الصبر ولم يخف إعجالاً عن الصلاة ، فليصلِّ وليصبر »(١). وخبر الحضرمي الحاصر لقواطع الصلاة في أربعة : الخلاء ، والبول ، والريح ، والصوت (٢).
مع أنّ علّامة ( المنتهى ) (٣) نقل الكراهة عن كلّ مَنْ يُحفظ عنه العلم ، ونقل إجماع علمائنا أجمع على أنّ الحاقن لو صلّى صحّت صلاته. فلذا حملوا النهي في خبر الحضرمي على الكراهة ، ونفي الصلاة في الصحيح الهشامي على نفي الكمال ، ونفي القبول في الخبرين الصدوقين على ما هو أعمّ من الإجزاء.
وتنزيله منزلة مَنْ هو بثوبه يدفع هذا كلّه ؛ بناءً على عموم المنزلة ، أو الحمل على الأحكام الشائعة للمشتبه به ، إلّا إنَّ إجماع المسلمين كافّة على خلافه ، فلا محيص عن الحمل للنهي عن الاقتداء به على الكراهة.
وأمّا ما في صحيح الفُضَيْل بن يَسَار (٤) ، وخبر أبي سعيد القماط (٥) ، من الأمر لمن وجد في بطنه غمزاً ، أو أذى ، أو عصراً من البول أو ضرباناً ، بالانصراف والتوضّؤ ، والبناء على ما مضى من صلاته ، وأنّه كمن تكلّم ناسياً.
فهو صريحٌ في التقيّة ، الموجبة لطرحه بالكليّة ، من غير تكلّفٍ بحمله على أحد تلك الوجوه القصيّة ، مع أنّ النصّ والإجماع حاسمان لمادّة النزاع.
__________________
(١) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ٣ ، الوسائل ٧ : ٢٥١ ، أبواب قواطع الصلاة ، ب ٨ ، ح ١.
(٢) الكافي ٣ : ٣٦٤ / ٤ ، الوسائل ٧ : ٢٣٣ ، أبواب قواطع الصلاة ، ب ١ ، ح ٢.
(٣) المنتهى ١ : ٣١٢.
(٤) الفقيه ١ : ٢٤٠ / ١٠٦٠ ، الوسائل ٧ : ٢٣٥ ، أبواب قواطع الصلاة ، ب ١ ، ح ٩.
(٥) التهذيب ٢ : ٣٥٥ / ١٤٦٨ ، الوسائل ٧ : ٢٣٧ ، أبواب قواطع الصلاة ، ب ١ ، ح ١١.