وليس كما توهّم ، لأنّ الاستعمال في القدر المشترك ، إن وقع ، فعلى غاية الندرة والشذوذ ، فأين هو من اشتهار الاستعمال في كلّ من المعنيين وانتشاره.
وإذا ثبت أنّ التجوّز اللازم على التقدير الأوّل أقلّ ، كان بالترجيح ـ لو لم يقم عليه الدليل ـ أحقّ.
__________________
نسبتهما اليهما على تقدير وضعه للقدر المشترك حقيقة واستعمل في كلّ واحد من الوجوب والندب مجازا.
والجواب : ما أشار إليه من أنّ الاستعمال في القدر المشترك إن وقع فعلى غاية الندرة والشذوذ.
وتوضيحه : ما نقل عنه في الحاشية من بعد الوقوع ، حيث أنّ الطالب للشيء إذا لم يكن غافلا عن تركه فإمّا أن لا يريد المنع منه أو يريده ، والأوّل هو الندب والثاني هو الوجوب ، وإنّما يتصوّر إرادة الطلب المجرّد عند الغفلة عن الترك ، وحيث إنّ العمدة في مباحث « الأمر » على أوامر الشارع ففرض الاستعمال في القدر المشترك غير معقول ، وربّما يعزى إليه إنّه عقّبه بقوله : « فتأمّل ».
فقيل في وجهه : إنّه فرق بين إرادة المنع وعدمه في الضمير ، وبين إرادة إفادته من اللفظ ، واللازم لغير الغافل هو الأوّل وملزوم الاستعمال هو الثاني ، والاشتباه إنّما من الخلط بين الإرادتين.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّ المنشئ للطلب إنّما ينشئ الطلب الخاصّ الواقع منه بالصيغة الخاصّة ، فإنشاؤه الوجوب أو الندب إنّما يكون بالصيغة المذكورة ، إذ مجرّد الإرادة النفسيّة لا تقضي بإنشاء المعنى في الخارج.
كيف ومن البيّن أنّ الطالب للشيء إنّما يوقع طلبه غالبا على أحد الوجهين إلاّ أن يكون غافلا ، فالطلب الخاصّ مراد من اللفظ قطعا.
أقول : وكأنّ ما أفاده الفاضل الشيرواني راجع إلى ما قرّرناه من كون الحتميّة وخلافها على القول بالوضع للقدر المشترك من لوازم الطلب بحسب وجوده ، فلا يلزم من دخولهما في الإرادة دخولهما في الوضع ، فلا يتوجّه إليه حينئذ ما تصدّى بإيراده الفاضل المشار إليه كما لا يخفى.