صيغة الأمر في الندب كان شايعا في عرفهم ، بحيث صار من المجازات الراجحة المساوى احتمالها من اللّفظ لاحتمال الحقيقة عند انتفاء المرجّح الخارجيّ ؛ فيشكل التعلّق في إثبات وجوب أمر بمجرّد ورود الأمر به منهم عليهمالسلام.
__________________
الاحتمالين في المجرّد عن القرينة.
نعم ، إن ثبت شيوع الاستعمال بدون القرينة المقارنة بأن يكون استعمالهم فيه مطلقا ، فعلم بدليل منفصل أنّ مرادهم الندب فلا بعد لما ذكره ، وكأنّه مراده ولكن إثبات مثل هذا الشيوع لا يخلو من إشكال.
وأورد عليه بعض الأفاضل : بأنّ شيوع استعمال اللفظ في معناه المجازي قاض برجحان المجاز على ما كان عليه قبل الشيوع ، سواء كان استعماله فيه على الوجه الأوّل أو الثاني أو الملفّق منهما ، وكلّما زاد الشيوع قوي المجاز إلى أن يبلغ حدّ المساواة مع الحقيقة أو الرجحان عليه في صورة الإطلاق أيضا ، حملا له على الأعمّ الأغلب ، وذلك أمر ظاهر بعد الرجوع إلى العرف.
واخرى (١) : بأنّ حمل « الأمر » على الندب في أحاديثنا المرويّة إمّا لقرينة دالّة عليه فمن البيّن أنّه لا يستلزم كونه مساويا للحقيقة ، فإنّ أكثر الألفاظ في كلام العرب شاع استعمالها في المعاني المجازيّة ، وعليه معتمد الشعراء والخطّاب ، وإمّا لعارض أو ضعف في السند وذلك لا يستلزم الاستعمال في الواقع ، بل ذلك مقتضى الجمع بين الأدلّة أو العمل بدليل خاصّ دلّ على رجحان العمل بمقتضى الرواية الضعيفة.
والظاهر أنّ مراده بذلك عمومات « من بلغ ».
وأورد عليه الفاضل المذكور : بأنّه مع البناء على ذلك يلزم امتناع حصول المجاز المشهور ، بل النقل الحاصل من الغلبة ، ضرورة أنّ استعمال اللفظ في المعنى المجازي إنّما يكون مع القرينة المتّصلة أو المنفصلة [ إذ ] بدونها لا يحمل اللفظ إلاّ على معناه الحقيقي. والمفروض أنّ الغلبة الحاصلة بأيّ من الوجهين المذكورين هذا (٢).
__________________
(١) هذا مستفاد من كلام الشيرواني.
(٢) والظاهر وقوع سقط في هذه العبارة فلابدّ من النظر في نسخة اخرى من نسخ هداية المسترشدين. ( منه ).
أقول : الساقط من نسخة المؤلف قدسسره ما يلي : لا يقضي بمساواة المجاز للحقيقة أو ترجيحه عليها ولو بملاحظة تلك الشهرة ، فكيف يحصل المجاز المشهور أو النقل على الوجه المذكور؟