محلاّ له ، ضرورة عدم كفاية مجرّد وجودها في صرف اللفظ عن معناه الحقيقي وإلاّ لانسدّ باب المخاطبات بالمرّة ، أو نسخت القاعدة القاضية بوجوب الحمل على المعنى الحقيقي على سبيل الكلّيّة ، إذ ما من لفظ إلاّ وهو مقرون عند التخاطب بقرينة.
وإذا تمهّدت هذه كلّها فنقول : الّذي يقتضيه ظاهر النظر ، أنّ المتبادر من هذا الأمر بملاحظة سبق الحظر عليه تبادرا أوّليا ـ على ما يشهد به الأوامر العرفيّة المتعلّقة بالأموال وما يتبعها الواردة أكثرها عقيب الحظر ـ إنّما هو رفع الحظر الملازم للإباحة المطلقة المنصرفة إلى الوجوب إن تعلّقت بمصالح الآمر إلاّ ما دلّ خارج على إرادة الندب أو الإباحة أو الكراهة ، وإلى الإباحة الخاصّة إن تعلّقت بمصالح المأمور إلاّ ما دلّ خارج على إرادة غيرها.
وأمّا الندب والكراهة فلا تنصرف إليهما إلاّ بمعونة القرائن الجزئيّة الّتي لا يكون ضبطها من شأن الاصولي ، ولمّا كانت أوامر الشرع إنّما تتعلّق بمصالح العباد جميعا فينبغي تبديل صورة التفصيل بالمنافع العائدة إلى المكلّف في الآجل أو العاجل.
ولا ينافي ما ادّعيناه من أوّليّة التبادر كون المجاز من لوازمه تبادر المعنى الحقيقي أوّلا ثمّ انصراف اللفظ فيه بملاحظة القرينة إلى خلافه ، كما هو التحقيق من أنّ قرينة المجاز لا تصادم الدلالة على المعنى الحقيقي ، فقضيّة ذلك كون المتبادر أوّلا هو الوجوب لأنّه المعنى الحقيقي.
لأنّ ذلك إنّما يستقيم فيما لم يسبق الالتفات إلى القرينة على التفات اللفظ ، والمفروض في المقام خلاف ذلك ، كما في المجاز المشهور الّذي يلزمه سبق الذهن ابتداء إلى المعنى المجازي.
كما لا ضير فيما التزمنا به من قضيّة انصراف الإباحة المطلقة إلى الوجوب بملاحظة تعلّق الصيغة بمصالح الآمر ، نظرا إلى أنّه لكونه المعنى الحقيقي أولى بالتبادر من تبادر خلافه المنصرف إليه ، لأنّ سبق الحظر من القرائن اللازمة لمجازيّ هو أعمّ من الحقيقي وهو الرخصة في الفعل ، فيقضي بانفهامه بمجرّد الالتفات إليه قضيّة للّزوم ، ومن لوازم المعنى العامّ ـ ولو مجازيّا ـ إنصرافه إلى بعض خصوصيّاته إن قام هناك ما يقضي بإرادته في ضمنه ، ولا يفرق حينئذ بين كون تلك الخصوصيّة هو المعنى الحقيقي أو غيره ، كما هو من لوازم استعمال اللفظ في عموم المجاز في بعض تقاديره.
ومن هذا الباب انصرافها إلى بعض خصوصيّاتها بملاحظة سبقه على الحظر إن كانت