الواقع في كلماتهم في السنخي ، واتّحاد طريق المسألة فيندرج فيه الشخصي أيضا ، ويظهر الثمرة في الأمر بأكل الميتة في المخمصة ، والأمر بالتداوي بالخمر في حال الحاجة أو الاضطرار ، والأمر بلبس الحرير في حال الحرب أو للبرد أو الحرّ ، فعلى الثاني يكون من محلّ الخلاف دون الأوّل.
ثمّ إنّ المصرّح به في كلام غير واحد منهم بناء الخلاف على القول بوضع الصيغة للوجوب ، وكونه واقعا بين أصحاب هذا القول.
وأنت خبير بإمكان جريانه على سائر الأقوال أيضا ، فيحرّر حينئذ : بأنّ الأمر إذا ورد عقيب الحظر فهل يفيد معناه الحقيقي من الندب أو الطلب أو غيره من المعاني المشتركة لفظا أو معنى ، حسبما كان يفيده الأمر الابتدائي في كلّ من المذكورات أو يفيد الإباحة مطلقا؟
نعم على القول بكونها للإباحة لا يجري النزاع ، لأنّها إذا أفادت الإباحة بالوضع ابتداء فتكون مع سبق الحظر الّذي هو مظنّة إرادتها على تقدير الوضع لغيرها من المعاني أولى بالإفادة كما لا يخفى ، فلا يعقل إنكارها من أصحاب هذا القول على التقدير المذكور.
ثمّ إنّ الأصل في المقام هو الوقف ، أو الحمل على الوجوب ، أو الإباحة ، وجوه : من أنّ عدم القرينة شرط أو جزء لما يقتضي حمل اللفظ على معناه الحقيقي والشكّ فيهما شكّ في المقتضي ، فلا يجري أصل فيجب التوقّف لأصالة التوقيف في اللغات.
وأنّ وجودها مانع فيندفع عند الشكّ بالأصل ، فيحمل على الوجوب لوجود المقتضي ـ وهو الوضع ـ مع فقد المانع بحكم الأصل.
وأنّ القرينة موجودة وهو سبق الحظر فلا حكم للمقتضي ، سواء جعلنا وجودها مانعا أو عدمها شرطا أو جزءا ، وقضيّة ذلك الحمل على الإباحة لوجود مقتضيها.
ولكن خيرها أوسطها من غير فرق فيه بين شرطيّة أو جزئيّة عدم القرينة ومانعيّة وجودها ، لجريان الأصل على كليهما.
أمّا على الثاني : فواضح.
وأمّا على الأوّل : فلأنّ المقتضي إذا كان ممّا اعتبر فيه قيد عدمي شرطا أو جزءا يجري فيه أصالة العدم لو نشأ شكّه عن قيده العدمي ، وهو في المقام كذلك ، ولا يضرّه وجود ما ذكر من القرينة ، لأنّ القرينة المانعة أو الموجبة لانتفاء المقتضي ما علم فيه أو ظنّ بالتفات طرفي الخطاب إليه ، فهو إذا كان محلاّ للشكّ يجري الأصل كما لو كان وجودها