وربّما يستفاد عن جماعة من الأجلّة للمرّة تفسيران :
أحدهما : الفرد الواحد.
وثانيهما : الدفعة الواحدة.
فيكون التكرار عبارة عن الأفراد أو الدفعات بقرينة المقابلة ، ويظهر عن بعض الفضلاء التردّد فيهما.
والأظهر عندي كون المراد بالمرّة هو الدفعة ، كما يومئ إليه ما في كلام شارح الشرح من التعبير عن الماهيّة بالحقيقة المتحقّقة في ضمن كلّ من المرّة والتكرار ، وعن المرّة والتكرار بالحقيقة المقيّدة بالمرّة أو التكرار ، نظرا إلى أنّ الماهيّة لا تتقيّد بالمرّة والتكرار بمعنى الفرد والأفراد ، لكون الفرد هو الماهيّة المقيّدة بالوجود مع لوازمه ، وجزء الشيء لا يتقيّد بذلك الشيء ، بل الّذي يليق تقيّدها به إنّما هو المرّة والتكرار بمعنى الدفعة والدفعات كتقيّدها بالوحدة والكثرة ، والفرق بينها وبين الفرد أنّ الفرد يلزمه وحدة الوجود والزمان ، والدفعة يلزمها وحدة الزمان دون الوجود ، إذ لا ينافي وحدة الزمان تعدّد الوجود كما لو قال لعبيده في زمان واحد : « أنتم أحرار لوجه الله الكريم » فإنّ زمان العتق متّحد مع تعدّد وجوده بتعدّد محالّه ، فيقال : إنّه أعتق دفعة واحدة ، ولا يقال : أعتق فردا واحدا.
وربّما يستند بعض الفضلاء في إبطال كون العبرة في المرّة بالفرديّة بأنّهم لو أرادوا بالمرّة الفرد لكان الأنسب ـ بل اللازم ـ أن يجعل هذا المبحث تتمّة للبحث الآتي عن الأمر هل يتعلّق بالطبيعة أو بالفرد؟ فيقال عند ذلك : وعلى تقدير تعلّقه بالفرد هل يقتضي التعلّق بالفرد الواحد أو المتعدّد أو لا يقتضي شيئا منهما؟ ولم يحتج إلى إفراد كلّ منهما بالبحث كما فعلوه.
وأمّا على ما اخترناه فلا علقة بين المسألتين ، فإنّ للقائل بأنّ الأمر يتعلّق بالطبيعة أن يقول بأنّه للمرّة أو التكرار ، بمعنى أنّه يقتضي وجوب إيجادها مرّة واحدة أو مرارا ـ بالمعنى الّذي سبق ـ وأن لا يقول بذلك ، وكذا القائل بأنّه يتعلّق بالفرد دون الطبيعة ، إذ ليس المراد به الفرد الواحد بل مطلق الفرد.
وأنت خبير بوهن ذلك من حيث عدم صلوحه سندا لمنع التوهّم لجواز أن يعتذر الخصم لتتميم ما توهّمه بأنّ للقائل بأنّ الأمر يتعلّق بالطبيعة أن يقول بأنّه للطبيعة المطلقة أو المتحقّقة في ضمن الفرد الواحد أو الأفراد المتعدّدة ، وللقائل بأنّه يتعلّق بالفرد أن يقول بأنّه للفرد لا بشرط الوحدة ولا التعدّد ، أو الفرد الواحد أو الأفراد المتعدّدة ، على أنّ الفرد