فحصول الامتثال على الثاني مراعى بلحوق جميع ما يمكنه من المرّات المتعاقبة ، فلو نقص منها بعض المرّات ولو واحدة لا امتثال أصلا ، ولا يخفى بعد هذا الاحتمال ولا سيّما بملاحظة مقايسة تكرار الأمر على تكرار النهي الّذي لا تقييد فيه جزما.
وأمّا على القول بالاشتراك فلابدّ من الأخذ بما يقتضيه القول بالمرّة أو التكرار مع وجود الدلالة على تعيين أحدهما وإلاّ فالتوقّف اجتهادا والرجوع إلى الاصول الفقاهيّة عملا حسبما يأتي الإشارة إلى تفاصيلها ، والمتوقّف كالقائل بالاشتراك في كلّ ما ذكر إلاّ على بعض وجوهه فيكون حينئذ كالقائل بالماهيّة ، وكذلك الكلام في حكم القولين بالنسبة إلي القسمين الباقيين.
وأمّا القسم الثاني : فلو أتى بعد قوله : « افعل » بأفراد الماهيّة تدريجا فعلى القول بالتكرار لا ريب في كونه ممتثلا بالنسبة إلى كلّ مرّة أتى بها وإن يكمل المرّات بأجمعها ، إلاّ على احتمال التقييد فلا امتثال حينئذ إلاّ واحدا بعد الإتيان بسائر المرّات المباينة.
وعلى القول بالمرّة يمتثل ويعصي في بعض تقاديره ولا يمتثل أصلا في التقديرين الآخرين ، وهل يعصي بمجرّد المرّة الثانية على تقدير كونها منهيّا عنها مع قطع النظر عن العصيان بعدم امتثال الأمر أو لا؟ وجهان مبنيّان على كون النهي فيها نفسيّا أو غيريّا ، ويمتثل أيضا على الاحتمالين الباقيين.
وهل يعصي حينئذ بما زاد على المرّة مع عدم دلالة اللفظ بالمنع عنه؟ قيل : نعم ، لدخوله حينئذ في عنوان البدعة والتشريع وهو من المحرّمات العامّة.
وبذلك يفرّق بينه وبين الدلالة على النهي ، لأنّ الحرمة حينئذ إنّما هي بنفس اللفظ وفيما ذكر بخارج من اللفظ ، وأصل الحرمة ثابتة مطلقا وهو موجب لانتفاء الثمرة.
ويشكل بأنّ محطّ نظر الاصولي في ذلك المقام ما يتفرّع على أقوال المسألة من حيث هي كذلك ، والحرمة التشريعيّة أمر جاء من الخارج فلا تعدّ ثمرة في القول ، وإنّما المقصود أنّ القول بالمرّة على تقدير كونه لا بشرط هل يلزمه ترتّب العصيان على فعل ما زاد على المرّة من حيث إنّه قول بالمرّة أو لا؟
ولا ريب أنّ ما ذكر من التحريم ليس بهذه المثابة ، ولو سلّم فهو بإطلاقه غير وجيه ، وإنّما يتوجّه على تقدير دلالة الأمر على عدم مطلوبيّة الزائد وإن لم يكن يدلّ على المنع عنه بالخصوص ، أو على تقدير سكوته نفيا وإثباتا مع إتيان المكلّف به بعنوان أنّه مشروع.