قدر مشترك بينهما من باب عموم المجاز الّذي لا خلاف في جوازه ، بل ثبوته في الخطابات الشرعيّة ولو في خصوص المقام كالأوامر المتعلّقة بعدّة امور بعضها واجب وبعضها مندوب كما لا يخفى.
ولكنّه يبعّد الأوّل : أنّ العقل كما يقضي بلزوم الإتيان بالفرد مقدّمة للإتيان بالطبيعة فكذلك يقضي بحصول الامتثال وسقوط الأمر بها بعد حصولها في المرّة الاولى ، فحصول الامتثال بالثانية والثالثة يحتاج إلى دليل قاض بالأمر بهما أيضا.
والثاني (١) : أنّ الاستعمال المفروض مع جوازه لا يلتزم به إلاّ مع قيام دلالة معتبرة ، لأنّه مجاز لا يصار إليه عند الإطلاق والتجرّد ، ولو قدّر ثبوت الدلالة عليه من الخارج فهو خروج عن المتنازع فيه ، لأنّ الكلام في أنّ القول بالماهيّة من حيث إنّه قول بها هل يستلزم بقاء الامتثال عقيب الامتثال بها في ضمن المرّة الاولى أو لا؟ والمفروض ينافيه.
والأولى في الجواب عن الاستدلال أن يقال : إنّ قضيّة قولكم : « بكون ما زاد على المرّة امتثالا » إمّا مطلقة أو مهملة ، والأوّل لا سبيل إليه لأنّ الامتثال عقيب الامتثال لا معنى له إلاّ مع تعدّد الأوامر أو انحلال الأمر الواحد إلى أوامر متعدّدة ، والأوّل خلاف الفرض ، والثاني عدول عن القول بالماهيّة إلى القول بالتكرار.
ولا يرد عليه ما أوردنا على ما ذكره القوم إذ الانحلال إن كان ولابدّ فهو من دلالة اللفظ وما قرّرناه في دفع الإيراد لم يكن من باب الانحلال ، وإنّما هو ـ على تقدير استقامته ـ إلزام من العقل بايجاد المتعدّد من أفراد الطبيعة للتوصّل إلى إيجادها وهو ليس من تحليل الأمر بالطبيعة إلى أوامر عديدة في شيء كما لا يخفى.
والثاني لا يجديكم نفعا إذ المفروض من القضيّة المهملة لا مورد لها إلاّ في مثل قول القائل : « احفظ دابّتي » و « اخدم ولدي » و « أطع زوجتي » و « لازم أمري » ونحو ذلك ، ولا ريب أنّ التعويل بمثل ذلك في ردّ الخصم خروج عن محلّ البحث ، نظرا إلى أنّ الكلام في الأوامر المطلقة وما ذكر من الموارد مقترنة بقرائن خاصّة أفادت هذا المعنى من عادة أو حالة أو غيرها ممّا يوجب انفهام إرادة ما يقضي بكون كلّ مرّة امتثالا.
حجّة القول بالمنع : بالنسبة إلى تدريجي الوجود انقطاع الطلب بايجاد المأمور به ، مضافا إلى أنّه لولاه لزم إمّا القول بالتكرار ، أو استعمال الأمر في الحقيقة والمجاز ، وبالنسبة إلى
__________________
(١) عطف على قوله : « لكنّه يبعّد الأوّل » الخ.