الدفعة ، ومعه لا وجه لاعتبار التخيير بينها وبين التكرار أصلا.
نعم لو اعتبر ذلك بين الفرد الواحد والأفراد الموجودة دفعة لكان له وجه ، ولكنّه خارج عن معقد الكلام في هذا المقام.
وأمّا ما توهّم في المقام أيضا من ندبيّة الامتثالات المتأخّرة عن المرّة الاولى. ففيه : أيضا ما لا يخفى من أنّه احتمال بلا دليل ووجه بلا شاهد.
لا يقال : إنّ الطلب الحتمي بمقتضى الأمر قد تعلّق بالطبيعة ، فبإيقاعها مرّة زالت الحتميّة وبقى الطلب فأقلّ مراتبه الاستحباب ، لأنّ بقاء الطلب على الوجه المذكور غير معقول ، سواء فرضناه بالنسبة إلى المرّة المأتيّ بها أو المرّات المتأخّرة ، أمّا الأوّل فلأدائه إلى تحصيل الحاصل ، وأمّا الثاني فلإفضائه إلى تبعّض الطلب وهو أمر بسيط لا تركّب فيه أصلا حتّى يتبعّض.
نعم لو كان المقام ممّا جرى فيه احتمال رجحان ناش عن ملاحظة فتاوى من صرّح بكونها امتثالا ـ ولا سيّما بملاحظة الرواية المتقدّمة ـ لو سلم متنها عن معارضة ما تقدّم ، التفاتا إلى أنّها بضعف سندها لا تصلح دليلا على الوجوب ، مع منافاته لما فيها من التحذير على السؤال عن التكرار لو حملت عليه ـ لكان المصير إلى الاستحباب تسامحا في أدلّة السنن غير بعيد ، إلاّ أنّ الظاهر خروجه عن المتنازع فيه ، لظهور كون نظرهم في مدلول الصيغة من حيث إنّه أمر بالطبيعة ليستعلم أنّه هل يستلزم الامتثال فيما زاد على المرّة أو لا؟
ولا يذهب عليك أنّ ظاهر كلامهم في كون الأمر بالطبيعة مستلزما للامتثال بما زاد تعدّد الامتثال بتعدّد المرّات ، كما يومئ إليه أيضا ما في كلام المانعين من عدم معقوليّة الامتثال عقيب الامتثال.
ولنا ـ على الثانية من الدعويين ـ : القطع بأنّ الفرد لا مدخليّة له في أداء الطبيعة المأمور بها إلاّ كونه مقدّمة لوجودها ، فكما أنّها في وجودها عند اتّحاد الفرد قائمة بذلك الفرد فكذلك عند تعدّد الموجود من أفرادها قائمة بتلك الأفراد على نهج سواء.
وقضيّة ذلك قيام امتثال الأمر بها بجميع تلك الأفراد لتساويها في نسبة وجود الطبيعة إليها ، فلا سبيل إلى التعيين حذرا عن الترجيح من غير مرجّح ، ولا إلى إعمال القرعة كما احتمله بعضهم لتعيين أحدها ، لأنّه في موضع الشبهة والإشكال ، وظاهر أنّ استناد الامتثال إلى الجميع موجب لانتفائهما ، على أنّها لتعيين ما هو المعيّن في الواقع المجهول في الظاهر ، ولا تعيين هنا بحسب الواقع لقبح الترجيح من غير مرجّح ، ولا إلى التخيير بينها لأنّه في