المأمور بها مقدّمة لإيجادها.
نعم يستلزم ذلك تخييرا في مصاديق فرد مّا ، نظرا إلى عدم اعتبار تعيين في ذلك الفرد حذرا عن لزوم الترجيح بغير مرجّح ، ولكنّه ليس من التخيير بين الأقلّ والأكثر في شيء ، لعدم اندراج الأكثر المبحوث عنه في مصاديق فرد مّا من حيث اعتبار الوحدة في مفهومه كما لا يخفى.
فإن قلت : أنّ الأمر على القول بتعلّق الأحكام بالطبائع من حيث هي كما ذكرت ، وأمّا على القول بعدم تعلّقها بها إلاّ باعتبار وجودها في الخارج ـ كما عليه بعض الفضلاء ـ فلا ، لإمكان أن يقال : بأنّ الطبيعة إذا اخذت بهذا الاعتبار كانت مردّدة بين المرّة والتكرار ، سواء فسّرناهما بالفرد والأفراد أو الدفعة والدفعات بحيث لا يمكن تجريدها حينئذ عنهما ، بحيث لا دليل على تعيين أحدهما يتعيّن التخيير بينهما دفعا للترجيح بلا مرجّح ، إلاّ أنّ مرجع التخيير على أوّل التفسيرين إلى وجوب الخصوصيّات لا على وجه التعيين ، وعلى ثانيهما إلى وجوب ملزومهما لا على وجه التعيين ، بناء على استلزام الدفعة للفرد وإلاّ فمرجعه إلى عدم تعيين شيء منهما ، فيتخيّر المأمور بينهما.
فلا يرد حينئذ محذور لزوم الامتثال عقيب الامتثال الغير المتعقّل ، إذ الامتثال بالمرّة إنّما يقع حينئذ إذا لم يتعقّب التكرار ومعه يقع الامتثال به لا بالمرّة ، كما هو الحال في التخيير بين الأقلّ والأكثر.
ولا ما قيل من استلزام الخروج عن القول بالماهيّة إلى القول بالتكرار ، لأنّ القائل بالتكرار إنّما يريد به تعيين التكرار في مفهوم الأمر وضعا ونحن نقول به على وجه التخيير ، ولا ما قيل أيضا من أنّ مدلول « الأمر » عند الإطلاق لم يكن إلاّ طلب الحقيقة ـ كما تمسّكوا به على نفي المرّة والتكرار ـ فمن أين يستفاد مطلوبيّة المرّة وما زاد عليها ، لأنّ الدلالة المذكورة غير ناشئة عن نفس الصيغة بل عن اعتبار خارج ، فلا تنافي ما ذكر من أنّ مدلول الصيغة ليس إلاّ طلب الحقيقة.
قلت : لا فرق فيما ذكر بين القولين أصلا ، إذ لا معنى لوجود الطبيعة في الخارج إلاّ وجودها في ضمن الفرد ، وأقلّ مراتبه الفرد الواحد ، وظاهر أنّه لا يوجد في الخارج إلاّ وهي متحقّقة في ضمنه.
وقضيّة ذلك خروج المكلّف عن عهدة التكليف بها بالمرّة ، سواء فسّرناها بالفرد أو