وبتقرير آخر * : وهو أنّا نقطع بأنّ المرّة والتكرار من صفات الفعل ** ،
__________________
بنفسها ، كما يومئ إليه « الباء » في قوله : « به » من حيث ظهورها في السببيّة.
وإلى ذلك ينظر ما أفاده بعض الأفاضل في دفع ما ذكر : من أنّ القائل بالمرّة يجعل خصوص المرّة مندرجة في المأمور به بخلاف ما يستفاد من الوجه المذكور.
فإنّ أقصى ما يفيده حصول المطلوب بها لا أنّها مطلوبة بخصوصها ، بعد ما ذكر أوّلا من أنّ كون المرّة أقلّ ما يمتثل به الأمر يفيد حصول الامتثال بالأكثر أيضا ، وذلك ممّا لا يقول به القائل بكون الأمر للمرّة.
فقضيّة البيان المذكور حصول الامتثال بالمرّة قطعا ، وإن قضت الصيغة بحصوله بالأكثر أيضا ، ولا ربط له بالقول المزبور.
* بينه وبين التقرير الأوّل ـ مضافا إلى تغائرهما من حيث العبارة كما هو شأن المقام ـ فرق واضح باعتبار الوضع والترتيب ، من حيث إنّه أخذ أوّلا بالاحتجاج على أصل الدعوى ، ثمّ بدفع ما تقدّم من السؤال المقدّر في التقرير الأوّل ، وعكس الأمر في التقرير الثاني.
وباعتبار المفهوم والمعنى من حيث إنّه تمسّك لدفع السؤال في الأوّل بعدم تناول اللفظ لشيء من المرّة والتكرار ، الّذي هو في معنى عدم تبادرهما من اللفظ ، التفاتا إلى شيوع التعبير عن عدم تبادر معنى من لفظ بعدم تناول ذلك اللفظ لذلك المعنى كما هو واضح للواقف على مظانّ إطلاقهم.
وفي الثاني بقاعدة تقييد اللفظ بوصفين متضادّين ، القاضية بكونه للقدر الجامع بينهما ، وهو الذات الموصوفة بهما لا بشرط اتّصافها بأحدهما.
فما يقال : من أنّ الفرق بينهما أنّه ادّعى في الأوّل كون مدلول الصيغة هو طلب حقيقة الفعل ، وأنّ حقيقة الفعل يخرج عنها المرّة والتكرار بدون الاستدلال عليه ، فكأنّه ادّعى البداهة فيه ، وفي الثاني استدلّ على تلك المقدّمة بالوصف بالأوصاف المتقابلة ، وما يدخل في الشيء لا يوصف ذلك الشيء بمقابله ، ليس بشيء فلا ينبغي الالتفات إليه.
** أي نقطع بأنّها من الصفات الراجعة إلى المعنى المصدري المستند إلى مادّة الأمر باعتبار الوضع المادّي ، كما أنّ القليل والكثير من الصفات الراجعة إليه ، والدليل على تلك الدعوى الموجب للقطع المذكور صحّة تقييده بهما عرفا في قولك : « اضرب ضربا مكرّرا » و « اضرب ضربا غير مكرّر » كصحّة تقييده بالقليل والكثير في قولك : « اضرب ضربا قليلا »