وهو يحصل بمرّة ، وأيضا التكرار في الأمر مانع من فعل غير المأمور به *. بخلافه في النهي ، إذ التروك تجتمع وتجامع كلّ فعل.
__________________
و « انتفى » أو مدلولا عليهما بالتضمّن أو الالتزام ، فقولك : « أكلت الخبز » و « شربت الماء » و « بعت العبد » و « اشتريت الجارية » داخل في القسم الأوّل ، كما أنّ قولك : « امتنعت عن الشرك » و « أبيت الكفر » و « أنكرت النفاق » و « تركت الظلم » و « كففت عن الإساءة » مندرج في الثاني.
فبهذا الاعتبار يدخل الأوامر بأسرها في القسم الأوّل ويندرج النواهي بأجمعها في القسم الثاني ، ضرورة أنّ قولك : « اضرب » ونحوه في معنى قولك : « أوجد الضرب » أو « أطلب منك إيجاد الضرب » كما أنّ قولك : « لا تضرب » ومثله في معنى قولك : « اتركه » أو « كفّ نفسك عنه » أو « أطلب منك تركه » أو « كفّ النفس عنه » ومدرك تلك القاعدة إمّا فهم العرف وشهادة الاستعمالات ، أو حكم العقل ومساعدة الاعتبارات ، لقضاء القوّة العاقلة بأنّ الطبيعة في تحقّقها تكتفي بفرد من أفرادها وفي انعدامها تتوقّف على انعدام جميع أفرادها ، فلا حاجة لها على الأوّل إلى انضمام فرد آخر إلى الفرد الّذي تحقّقت في ضمنه ، كما أنّه لا تتصوّر انعدامها مع وجود بعض أفرادها.
وبما قرّرناه ينقدح جواب آخر عن الاستدلال وهو منع الحكم في المقيس عليه ، فإنّ دوام النهي وتكراره ليس من مقتضيات الصيغة ، مع أنّ المطلوب إثبات كونه من مقتضيات الصيغة بحسب الوضع واللغة كما مرّ مرارا ، ولعلّه أسدّ وأقوم من الأجوبة الاخر ، إلاّ أنّه لم نجد في كتب القوم إشارة إليه.
* وهذا هو الثاني من وجهي الفرق بين المقيس والمقيس عليه اللذين أشرنا إليهما ، إلاّ أنّه اعترض عليه : (١) بأنّ من قال بالتكرار قال بأنّه للتكرار الممكن عقلا وشرعا كما صرّح به الآمدي في الإحكام ، فلا يكون التكرار في زمان يمنع من فعل غير المأمور به ممّا يلزم فعله شرعا أو عقلا ممّا يجب عليه ، لأنّه تكرار غير ممكن ، فلا يكون التكرار على مذهبه مانعا من فعل غيره ممّا يجب فعله.
والظاهر في النظر القاصر ورود ذلك الكلام في هذا المقام على خلاف التحقيق ، لأنّ
__________________
(١) المعترض هو السلطان.