التكرار لا ينافي وضع الصيغة من حيث هي للماهيّة كما ستعرفه.
ومنها : قوله صلىاللهعليهوآله : « إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم » بالتقريب المتقدّم.
وفيه : ما سبق أيضا في ردّ الاستدلال بها على جواز تعدّد الامتثال على القول بالماهيّة ، مضافا إلى أنّها لو تمّت دلالتها وسلم سندها لكان قاضيا بندبيّة التكرار كما تنبّه عليه بعض الفضلاء ، نظرا إلى ما في صدرها من التحذير عن السؤال عن وجوب التكرار ، فتنتفي فائدة التحذير لو كان التكرار واجبا كما لا يخفى.
ولو سلّم فهو من مقتضي التعليق وهو مقام آخر يأتي الكلام فيه إن شاء الله تعالى.
ومنها : أنّ الأمر قد اقتضى التكليف قطعا وبالمرّة لا يحصل اليقين بالبراءة ولا كذلك بالتكرار فيجب ، وإنّما كان التكليف قطعيّا إذ لا كلام عندهم في ذلك إلاّ على القول بالوقف ، إن كان يجعله القائل من باب المجمل الذاتي الّذي لا قضاء له بالتكليف إلاّ بعد البيان فلا تكليف قبله.
وفيه : ما مرّ أيضا من أنّ المقام من مجاري أصل البراءة سواء فرضنا التكرار المحتمل تقييديّا أو تعدّديّا ، ومعه لا يبقى للأصل المذكور محلّ ليكون قاضيا بوجوب التكرار ، مع أنّ الاصول أدلّة تعليقيّة فلا حكم لها عند وجود ما يقضي بخلافها ، ولقد أقمناه في المقام من جهات عديدة.
ومنها : أنّ اللفظ لا إشعار له بوقت معيّن ، فإمّا أن لا يجب أصلا أو يجب في وقت معيّن أو يجب دائما.
والأوّل : باطل للإجماع.
والثاني : ترجيح بلا مرجّح. فتعيّن الثالث وهو المطلوب.
وفيه : انّه واجب في جميع الأوقات على البدل ، بحيث لو أتى به في أيّ جزء منها لكان آتيا بالواجب فسقط به الأمر ، نظرا إلى أنّ ثبوته فيما زاد على ذلك يحتاج إلى دليل ولا إشعار للّفظ بذلك ، كما لا إشعار له بوقت معيّن.
ومنها : أنّه لولا التكرار لافتقر وجوب فعله في الزمان الثاني إلى دليل ، ولكان ذلك واقعا على وجه القضاء لا الأداء.
وفيه : أنّه كذلك لو اريد به فعله في الزمان الثاني بعد الإتيان به في الزمان الأوّل ولا ضير فيه أصلا ، وليس كذلك لو اريد به فعله قبل الإتيان به أوّلا لدلالة اللفظ على وجوبه مطلقا ، ففي أيّ جزء من الوقت وقع كان واجبا قد وقع في وقته ، فيلزم كونه أداء لا قضاء ، نظرا إلى عدم دلالة اللفظ على الفور و [ عدم ] خروج الزمان الثاني عن الوقت.