إيجاد الطبيعة في الجملة ـ ولو في ضمن المرّة ـ فكذلك النهي لا يقتضي من ترك الطبيعة أزيد من ذلك ، مع أنّه لو اكتفى بمثل ذلك التكرار لكان عدولا عن القول به ، لعدم كونه بهذا المعنى ممّا وضع له الصيغة ، وإنّما يناسب ذلك مذهب من يقول من أصحاب القول بالماهيّة بكون ما زاد على المرّة من المرّة الآخر أيضا امتثالا.
ثمّ ، إنّه نقل الاستدلال على هذا القول بوجوه اخر ، أوضح فسادا من الوجوه المذكورة :
منها : احتجاج الصحابة.
وفيه : أنّ الاحتجاج إنّما هو على أصل الوجوب من دون نظر فيه إلى التكرار.
ولو سلّم فإنّما نشأ ذلك عن دلالة خارجة وهو خارج عن المتنازع فيه ، وأصالة عدمها لا توجب إلاّ ثبوت تبادر في عرفهم ، وهو معارض بالتبادر الثابت في عرفنا القاضي بخلاف مقتضاه كما قرّرناه عند الاستدلال على المختار ، ولعلّ الرجحان معه لأصالة عدم النقل ، أو أنّ التبادر الوجداني أقوى ظنّا من التبادر النقلي ، بل ومع حصول الظنّ به لا يكاد يحصل بغيره ، مع أنّه كثيرا ما يفيد العلم كما في محلّ البحث بخلاف معارضه.
ومنها : فهم لذلك في قوله : « أحسن عشيرة فلان » وتبادره عن قولك : « أكرم أباك » و « أحسن إلى صديقك » و « احذر من عدوّك » إذ لا يفهم منها عرفا إلاّ التكرار.
وفيه : القطع باستناد ذلك إلى خارج من اللفظ ، نظير ما في قولك : « احفظ دابّتي » و « أطع زوجتي » و « اخدم ولدي » فإنّ العادة وقرينة الحال والاعتبار قاضية بإرادة التكرار في أمثال تلك المقامات ، ولو سلّم عدمها ـ ولو بحكم الأصل ـ لوقع التعارض بينه وبين ما ادّعيناه ولازمه التساقط بعد تسليم التكافؤ ، فلا يبقى بعد دليل على مطلوبكم ، مع بقاء سائر أدلّتنا المتقدّمة سليمة عن المعارض.
ومنها : ما عن عمر لمّا سأل النبيّ صلىاللهعليهوآله ـ وقد جمع بين صلاتين بوضوء واحد عام الفتح ـ : « أعمدا فعلت يا رسول الله صلىاللهعليهوآله؟ فقال : نعم » فلولا فهمه التكرار عن آية الوضوء لما كان لسؤاله محلّ.
وفيه : نظير ما تقدّم.
مضافا إلى احتمال كون السؤال لأجل توهّم وجوب التكرار على النبيّ صلىاللهعليهوآله في خصوص الوضوء لمّا رآه أنّه صلىاللهعليهوآله لم يجمع بين صلاتين بوضوء واحد إلاّ نادرا كما قيل ، أو كون فهمه التكرار في الآية ناشئا عن تعليق الأمر فيها على الشرط ، ولا يخفى إنّ مثل هذا