الحكم إذا كان منوطا بالعليّة فهي ثابتة في كلا المقامين وكونها مستفادة في أحدهما عن اللفظ وفي الآخر عن الخارج لا يوجب ذلك الفرق بينهما.
غاية الأمر دلالة اللفظ في الأوّل على علّية المعلّق عليه وهي تستلزم التكرار كما أنّها في الثاني تستلزمها ، فهذان الكلامان على ظاهرهما متناقضان.
إلاّ أن يدفع :
بأنّ ما ثبت علّيته بدليل خارج فهو علّة مطلقة فيفيد عمومها عموم الحكم وتكرّرها تكرّر المحكوم به ، بخلاف ما ثبت علّيته بأصل القضيّة فإنّه علّة في الجملة غير قاضية بترتّب الحكم عليها في أزيد من مرّة ، وقضاؤها بما زاد على المرّة مبنيّ على إطلاق علّيته واللفظ قاصر عن إفادته.
وبذلك يقوى ما نبّهناك عليه من خروج التعليق على العلّة الثابتة عن المتنازع فيه ، فإنّ التكرار حينئذ من مقتضى عموم العلّة وإطلاقها لا من مقتضى التعليق أو الأمر المعلّق من حيث هما ، كما هو موضع النزاع ، ويمكن دعوى عدم مخالفة الاصوليّين من الحنفيّة أيضا في ذلك ، لجواز كون مرادهم بالعلّة المصرّح بنفي التعليق بها مفيدا للتكرار في كلامهم ما ثبت علّيته بأصل القضيّة الّذي يوافقهم غيرهم بالنسبة إليه في ذلك النفي.
فبذلك يتّضح ضعف ما نقلناه عن بعض الأفاضل من توهّم أنّ هناك جماعة ينكرون إفادته التكرار في المعلّق على العلّة أيضا ، كما يتّضح بذلك إنّ ما نقل من القول بالتفصيل بين العلّة وغيرها ليس منافيا لقول النافي مطلقا لرجوع كلّ إلى الآخر ، نظرا إلى أنّ انكار التكرار فيما علّق على العلّة المطلقة ممّا لا يعقل عن جاهل فضلا عن أهل العلم إلاّ ممّن أنكر حجّيّة العلّة ، فيعود الكلام معه حينئذ إلى الصغرى لا أنّه منكر للكبرى كما لا يخفى.
وبهذا التقريب نقول بخروج المعلّق على شرط عامّ عن المتنازع فيه ، كـ « كلّما » و « مهما » وما يؤدّي مؤدّاهما ، فإنّ التكرار في مثل ذلك أيضا غير قابل للإنكار إلاّ ممّن ينكر العموم فيما ادّعى كونه عامّا ، فلا وجه لعدّ ما عدا القولين الأوّلين قولا في المسألة مقابلا لهما ، ولعلّه توهّم نشا عن إطلاق جماعة من الفريقين في النفي والإثبات مع تصريح الآخرين بالتفصيل غفلة عن أنّ ما في كلام الآخرين تفصيل لما أجمله الأوّلون وتوضيح لما أبهموه.
ثمّ ، إنّ النزاع غير مختصّ بأصحاب القول بحجّيّة مفهومي الشرط والصفة ، لأنّ إنكار