الحجّية معناه منع اقتضاء انتفاء المعلّق عليه لانتفاء المعلّق ، وإلاّ فاقتضاء وجوده لوجوده في الجملة كما هو منطوق القضيّة ليس ممّا ينكره أحد.
والمفروض أنّ النزاع متفرّع على ذلك ، لرجوعه إلى أنّ هذا الاقتضاء هل هو على نحو الإطلاق والعموم أو لا؟
ولا بأصحاب القول بكون العلل الشرعيّة علل واقعيّة فيما علّق على العلّة ـ على فرض اندراجه في المتنازع فيه ـ كما تنبّه عليه بعض الأجلّة ، فإنّ المعرّف والعلامة على القول بهما في العلل يفيد تكرّرهما تكرّر ذيهما في موضع يفيد تكرّر العلّة تكرّر المعلول ، وإلاّ لخرج ما جعله الشارع معرّفا وعلامة على الإطلاق عن كونه كذلك وهذا خلف ، كما لا يفيده له في كلّ موضع لا يفيده العلّة ، وإنّما الثمر [ ة ] في هذا الخلاف يظهر في جواز اجتماع العلل على معلول واحد وعدمه كما هو المصرّح به لا في محلّ البحث.
فإذا تمهّد جميع ما قرّر ، نقول : الّذي يقتضيه التحقيق والنظر الدقيق أنّ الأمر المعلّق بمجرّده لا يفيد أزيد من طلب الماهيّة.
لنا : ما تقدّم من وضع الصيغة لغة وعرفا لطلبها من غير إفادتها تكرارا ، والتعليق بمجرّده لا يوجب خروجها عن وضعها الأصلي ، لوضوح الفرق بين قولنا : « كلّما أو مهما جاءك زيد فأكرمه » وقولنا : « إن جاءك أو إذا جاءك زيد فأكرمه » فإنّهما في التعليقيّات نظير قولنا : « أكرم زيدا دائما » و « أكرم زيدا » في التنجيزيّات ، فلذا يعاقب المأمور التارك لما زاد على المرّة في الأوّل ويستحقّ ذمّ العقلاء ولا يعاقب و [ لا ] يستحقّ ذمّهم في الثاني ، وليس ذلك إلاّ من جهة استفادة التكرار في الأوّل دون الثاني ، مع صحّة تقييده عرفا بكلّ من المرّة والدوام من دون انفهام تناقض ولا تكرار.
ولا ينافي ظهوره في علّيّة وجود الشرط لوجود الجزاء ، لأنّ التكرار ممّا يقتضيه عموم العلّيّة وهو غير مستفاد من القضيّة عرفا بشيء من وجوه الدلالة ، كما لا ينافي ما نصّ عليه أهل الميزان من أنّ وضع المقدّم ينتج وضع التالي ، ورفع التالي ينتج رفع المقدّم ، تعليلا : بأنّ وجود العلّة يستلزم وجود المعلول ورفع المعلول يستلزم رفع العلّة من دون عكس في المقامين ، لعدم إفادة ذلك أيضا أزيد ممّا يفهمه العرف من أصل القضيّة ، ولو سلّم فهو ليس من الحجج التعبّديّة الصرفة ، وإنّما الحجّة في أمثال المقام هو العرف وهو مخالف له ، وأمّا الاحتجاج بقوله : « إذا دخلت السوق فاشتر اللحم » فلعلّه ليس على ما ينبغي ، لكون ذلك