الفور والتراخي لو ثبت فيما بين الأقوال لا معنى له إلاّ دعوى الوضع لذلك ، فلا يصحّ حينئذ عدّه مقابلا لسائرها إلاّ على فرض رجوعها إلى دعوى الوضع ، مع أنّ القول بالتراخي لا يتغاير القول بالماهيّة إلاّ على تقدير رجوعه إلى دعوى الوضع لذلك بالخصوص لاشتراكهما في تجويز التراخي الغير المنافي لحصول الامتثال بالبدار أيضا.
نعم ربّما يحصل الفرق بينهما لو اتّفقا في الوضع للماهيّة لو فسّرناه بوجوب التراخي ، إلاّ أنّه مبنيّ على ثبوت القول به.
وقد تقدّم حكاية المناقشة فيه وإنكار جماعة له ، ومع ذلك غير مناف لما ادّعيناه على فرض ثبوته ، مع أنّه لولاه لخرج النزاع فيما بين القول بالماهيّة والقول بالفور لفظيّا لاعتراف كلّ على هذا التقدير بما يقول به الآخر ، لأنّ الفور حينئذ لا ينكر الوضع للماهيّة كما أنّها لا تنكر وجوب الفور لو دلّتها قرينة خارجة على إرادتها في ضمن الفور ، فيعود النزاع حينئذ إلى أنّ الصيغة موضوعة لمطلق الطلب وأنّ الخارج قد دلّ على إرادة الفور.
ولا يخفى أنّ القضيّتين لا تناقض بينهما لتكونا قولين متقابلين ، حيث لا اتّحاد بين موضوعيهما.
نعم لو قدّر الخلاف في صلاحيّة ما ادّعى من الخارج دليلا على إرادة الفور لكونه قرينة على ذلك وعدمه لعاد النزاع إلى أمر معنوي ، إلاّ أنّه أيضا في كمال البعد لظهور كلامهم في تحرير العنوانات وتقرير الاستدلالات في كون النزاع في كبرى القياس والتوجيه فرض له في صغراه.
ولا منافاة لأدلّة القول المذكور لما ذكر من كونه دعوى للوضع لظهور جملة منها في تلك الدعوى ، كمثال السقي وآية الذمّ لإبليس لابتناء نهوضيهما دليلا على مطلوبهم على فهم الفور المفيد للوضع لأصالة عدم غيره حدوثا أو التفاتا إلى الحادث ولو من جانب واحد كما في سائر التبادرات لو توهّم استناده إلى غير اللفظ الموضوع ، مع عدم منافاة بواقيها لذلك أيضا لصلوح آيتي المسارعة والاستباق لكونهما من باب القرائن المنفصلة تؤكّد مقتضى الوضع.
فيرد على المستدلّين بهما حينئذ أنّ كونهما من باب الإفهام أو الصرف أولى ، لأصالة التأسيس فيما بين القرائن بالقياس إلى التأكيد.
وأمّا ما اعتمدوا عليه من البرهان العقلي أيضا وإن كان ظاهرا في الكشف عن المراد ،