والجواب عن الثالث (١) : أنّ القياس لا تعويل عليه ولا سيّما مع الفارق ، فإنّ وجوب اعتقاد الوجوب إنّما هو لوجوب تصديق ما أتى به النبيّ ، ووجوبه فورا ضروريّ عند الأبرار للارتفاع عن حضيض الجحود والإنكار ، وليس كذلك الأمر في الفعل ، فإنّ تأخيره لا يوجب كفرا ولا إثما.
وعن الرابع (٢) : عدم صلوحه شاهدا على الوضع كما هو المطلوب ، مع ضعفه سندا وقصوره دلالة من جهة ابتنائها على كون لفظة « إذا » للتوقيت المستلزم لخروج كلمة « الفاء » للتعقيب بلا تراخ ، وهو في حيّز المنع لجواز كونها شرطيّة قاضية بكون « الفاء » جزائيّة خارجة عن الدلالة على نفي التراخي.
ولو سلّم فوفاؤها بتمام المطلوب مبنيّ على كونها من أدوات العموم وهو خلاف التحقيق ، بل الثابت المحقّق كونها من أدوات الإهمال على ما يساعده قواعد العرف والاستعمال ، فلا تفيد إلاّ قضيّة جزئيّة.
ولو قيل : إنّ المطلوب إنّما يتمّ على تقدير إفادتها التكرار ـ كما تقدّم الاستدلال بها عليه ـ وهو يستلزم الفور.
لقلنا : بمثل ما ذكر من أنّها لا تفيد إلاّ الإهمال ، مضافا إلى ما سبق من منع الدلالة على التكرار أيضا.
وعن الخامس (٣) : أنّه أيضا لا يفيد الوضع للفور بل غايته نهوضه قرينة لإفهام المراد ، مضافا إلى كونه فاسد الوضع ، فإنّ التأخير بلا بدل جائز بحكم العقل والشرع ، والواجب إنّما يخرج عن كونه واجبا بالترك لا مع العذر رأسا ، والتأخير الّذي يلحقه الفعل ليس منه.
وبذلك يظهر الجواب عن السادس (٤) والسابع (٥) مع انتفاء الفرق لو لم يعتبر قيام البدل في تأخير الواجب بينه وبين المندوب ، فإنّ امتياز الندب عن الوجوب بجواز الترك عن رأس كاف في الفرق بينهما ومعه لا حاجة إلى فرق آخر ، فلا ضير في اشتراكهما في جواز التأخير لا إلى بدل.
__________________
(١) أي قوله : « ووجوب اعتقاد وجوب الفعل على الفور بالإجماع الخ ».
(٢) أي قوله : « والنبويّ : إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم ».
(٣) أي قوله : « وكأنّه لو جاز التأخير لجاز إلى بدل أو لا إلى بدل الخ ».
(٤) أي قوله : « ولخرج الواجب عن كونه واجبا ».
(٥) أي قوله : « ولجاز إلى بدل الخ ».