والجواب : من وجهين : أحدهما ـ النقض بما لو صرّح * بجواز التأخير ؛ إذ لا نزاع في إمكانه. وثانيهما ـ أنّه إنّما يلزم تكليف المحال لو كان التأخير متعيّنا ** ،
__________________
وربّما يقرّر الاستدلال ـ كما في الهداية (١) ـ : بأنّه لو لم يكن الأمر للفور لجاز التأخير ، والتالي باطل فالمقدّم مثله ، والملازمة ظاهرة.
وأمّا بطلان التالي : فلأنّه لو جاز التأخير فإمّا أن يجوز إلى غاية معيّنة أو غير معيّنة ، أو يجوز التأخير دائما ، والوجوه الثلاث باطلة فالمقدّم مثلها ، والملازمة ظاهرة ، إذ جواز التأخير لا يخلو عن أحد الوجوه المذكورة.
ويدلّ على بطلان الأوّل : أنّه لا بيان في المقام وليس في نفس اللفظ ما يفيد تعيين الوقت ولا من الخارج ما يفيد ذلك ، ولو كان فهو خارج عن محلّ الكلام ، والثاني يستلزم التكليف بالمحال ، إذ مفاده المنع من تأخير الفعل عن وقت لا يعلمه المكلّف ، والثالث قاض بخروج الواجب عن كونه واجبا ، لجواز تركه إذن في كلّ زمان ، وما يجوز تركه كذلك فلا يجب فعله قطعا.
وها هنا تقرير ثالث احتمله بعض الفضلاء وهو : أنّه إذا أخّر المكلّف والحال هذه فصادف ما يوجب الفوات ، فلا يخلو إمّا أن يعاقب على ترك الواجب أو لا ، ولا سبيل إلى الأوّل لقبح العقاب على ترك المأمور به في وقت لا يعلمه أو مع الرخصة في التأخير ، ولا إلى الثاني للزوم خروج الواجب عن كونه واجبا ، إذ ما يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه هو المندوب.
(١) * وربّما يذكر النقض أيضا بالواجبات الموسّعة الممتدّة بامتداد العمر ، فإنّ ثبوتها في الجملة ـ ولو في النذر وشبهه ـ ليس ممّا ينكر وعلى تقديره يلزم الإشكال المذكور بعينه ، بل يتّجه النقض أيضا بالواجبات الموسّعة إلى وقت معيّن إذا صادف المكلّف في أثناء الوقت ما يوجب فواتها ، فيلزم فيه ما ذكر من لزوم خروج الواجب عن كونه واجبا أو التكليف بالمحال ، فصار النقض على الاستدلال من وجوه ثلاث كلّ واحد يصلح جوابا على الاستقلال.
** قيل : بأنّه ما أجاب به العضدي تبعا للحاجبي فتبعهما المصنّف ، وعلى أيّ حال
__________________
(١) وكأنّه أخذه عن التهذيب والمنية. ( منه ).